Thursday, November 19, 2009

الطريق إلى مكة لمراد هوفمان / Journey to Makkah by Dr. Murad Hofmann

مراد هوفمان مؤلف ودبلوماسي ألماني شهير، كاثوليكي المولد، اعتنق الإسلام عام 1980 ، شكل إسلامه جدلا واسعا في الأوساط الغربية بسبب منصبه الدبلوماسي الرفيع. عين بعد ذلك سفيرا لألمانيا في الجزائر من عام 1987 إلى 1990 ومن ثم سفيرا إلى المغرب حتى عام 1994. له من مؤلفات العديدة حول الإسلام منها الإسلام كبديل، والإسلام في الألفية الثالثة، ومذكرات ألماني مسلم.


وعلى عكس ما توقعت حين شرعت في قراءة الكتاب، وكعادة ما درجت عليه كتب من مروا برحلة الشك إلى الإيمان، بأني سأجد وصفا للصراع الذي مر به الكاتب في رحلة بحثه عن الحقيقة والصعوبات التي تكبدها إزاء رفض مجتمعه لفكرة تغيير دينه. إلا إنني وجدت خطابا موجها إلى الشارع الغربي من مسلم غربي يصف فيه ملامح من حياة المسلمين عامة، وحياته كمسلم خاصة. تطرق في كثير من الأحيان إلى الشبهات التي تدور حول الإسلام محاولا تفسيرها وتفنيدها وتصحيح المفاهيم المتعلقة بها.


وعلى الرغم من ضخامة محتوى الكتاب، إلا أن سلاسة عرض هوفمان وبراعة سرده وقوة بيانه وحجته جعلت من قراءته رحلة ممتعة للذهن والحس معا. ولي اعتراض على ترجمة عنوان الكتاب إلى (الطريق إلى مكة) بدلا من (الرحلة إلى مكة) والذي قد يحدث لبسا مع كتاب محمد أسد الشهير (الطريق إلى مكة / The Road to Makkah).

وفيما يلي استعراض المقتطفات الجميلة من هذا الكتاب الصادر عن دار الشروق العربي، الطبعة الأولى 1996.
  
هانحن أولاء نقف في تقليد إبراهيمي أمام أقدم معابد التوحيد في العالم.. أمام الكعبة. والكعبة مكعب مجوف خال تماما مبني بأحجار ضخمة. إنها صورة معمارية لكمال الله في ابسط تصوير، بعيدا عن التعقيد القوطي وفن الركوكو


"الحج ليس فريضة فحسب، بل هو حلم كل مسلم، والعودة منه مفخرته. فلا لقب دكتور ولا لقب سعادة ولا حتى لقب أستاذ تضاهي لقب حاج الذي يخاطب به"



"توجهت إلى الطابق الأعلى حيث يزداد نصف قطر دائرة الطواف، النظر من هنا إلى أسفل يكاد يكون كالتنويم المغناطيسي. والمشهد شديد الجمال. فالكعبة تبدو كمركز ثابت لا يتحرك لاسطوانة تدور ببطء وفي سكون تام في اتجاه مضاد لاتجاه عقارب الساعة. ولا يتغير هذا المشهد إلا عند الصلاة، حيث تصير الكعبة مركز لدوائر عديدة متحدة المركز، تتكون من مئات الآلاف من أجسام ناصعة البياض لأناس يرغبون ويبحثون ويفعلون الشيء ذاته"


"من الأهمية بمكان أن يعرف المرء كيف يحدد موضع صلاته بحيث يضع شيئا كنظارته أو حافظة أوراقه على مسافة 90 سم أمامه. فلن ينتهك أحدا موضع صلاة آخر. وإنني لأتذكر أنني هممت بمغادرة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وعندما وصلت الباب الرئيسي كانت حركة السير بطيئة. وكان السبب أن احد القادمين إلى الصلاة تأخر ومازال يكمل صلاته على الدرج في هدوء تام. بينما انقسمت جموع المصلين المنصرفين من المسجد كما تنقسم حول صخرة. ولم يجرؤ احد على أن يزعجه أو يشوش عليه صلاته أو أن يقتحم موضع صلاته"



"كان رفاق رحلة حجي من السنغاليين في الطائرة شديدي الحساسية تجاه العرب، اللذين يعتبرون أنفسهم- تشبها باليهود- أفراد شعب الله المختار، وهم ليسوا كذلك وحدهم بطبيعة الحال. ومن جانبي، أقررت انه لابد للمرء أن تدور رأسه غرورا إذا ما صادفه الحظ مرتين في تاريخ العالم: أولاهما، عندما بعث خاتم الرسل في الأرض العربية برسالة عربية، وثانيهما عند ظهور بركة النفط والغاز الطبيعي... ولكن رفض جميع من في الطائرة القبول بأن العرب ينفردون بوضع يتيح لهم وحدهم فهم الرسالة الإلهية للقرآن، فالإسلام لا يعرف التفرقة العنصرية"



"ابتداء من عام 1980، لم اعد احمل معي في رحلات العمل سوى سجادة صلاة وبوصلة لتحديد القبلة. وراحت أيامي تتشكل أكثر فأكثر تبعا لمواقيت الصلاة وليس تبعا للساعة التي تسبب التوتر والقلق. فعندما يتواعد المرء مع المسلمين، فانه لا يواعدهم (الساعة الثالثة والربع) وإنما يواعدهم لوقت (بعد صلاة الظهر) أو (بعد صلاة المغرب)"



"أثبتت لي الكثير من الوقائع انه قد لا يكون هناك عائق في طريق انتشار الإسلام في ألمانيا أقوى من التحريم القرآني للخمر. فلن يتنازل الألماني في بافاريا ولا في كولونيا عن طعامه المفضل من لحم الخنزير ولا عن خمره المفضل. ولقد ظننت في بادئ الأمر أنني لن استطيع النوم جيدا بدون جرعة من الخمر في دمي ولكن ما حدث كان عكس ما ظننت تماما. فنظرا لان جسمي لم يعد بحاجه إلى الكحول أصبح نبضي أثناء نومي اهدأ من قبل"



"إن المسلم بتناوله كوبا من الماء أو العصير بين أناس يحتسون الخمر، يفسد عليهم بهجتهم، لأن ما يفعله ينطوي على عقاب معنوي لهم. لذلك أصبح من النادر بعد اعتناقي الإسلام أن ندعى، زوجتي وأنا، إلى حفلات خاصة"


"ما يزال النساء والأطفال لليوم يتعرضون للضرب تحت تأثير الخمر. كذلك تسقط الطائرات اليوم تحت تأثير الخمر. ولقد تسبب قائد إحدى الناقلات البحرية تحت تأثير الخمر في وقوع أسوأ كارثة بيئية حتى الآن. ولا يمكن تقدير الخسائر البشرية والمادية التي تصيب المجتمع الغربي بسبب إدمان الخمر"



"يختلف مفهومي عن رمضان المبني على إتباعي للسنة، عن الكيفية التي يمارس بها في بعض البلدان الإسلامية. فالناس يميلون أن يعوضوا في الليل ما فاتهم في النهار. فيشاهدوا التلفزيون ويلعبوا الورق ويحتسوا الخمر أحيانا حتى منتصف الليل. ومن شأن هذا أن ينمي الاتجاه الغريب نحو استبدال الليل بالنهار في رمضان"



"بالنسبة لي، لعل أهم اثر جانبي لصوم رمضان في، إنني استطيع أن اختبر إذا ما كنت سيد نفسي أم أنني ما زلت عبدا لعادات تافهة... إنني احتفظ لنفسي بما اسميه (زر رمضان). فعندما تكون هناك ضرورة، بين الحين والآخر، على مدار العام، لترك وجبة أو وجبتي طعام، فاني اضغط ذهنيا على هذا الزر وسرعان ما احتمل الجوع ولا أعيره اهتماما"



"لقد كنت أنا وزوجتي نلبي جميع الدعوات التي توجه إلينا، سواء كانت دعوة من وزير أو من سائق سيارتي، دعوة من أميرة أم من خادمتنا. وهكذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم. ولم يجز رفض الدعوة إلا لسببين: وهي أن تؤدي الدعوة إلى استدانة الداعي، أو أن تكون لغرض التفاخر والمباهاة. ولذلك لم اشعر بحرج لرفض دعوات وجهت لي لحضور حفلات زفاف لعلمي أن والد العروس يبغي المباهاة بحضوري كسفير"


"يسمح للجماعة اليهودية بألمانيا أن تذبح ذبائحها وفق الشريعة اليهودية، بينما يمنع المسلمون من هذا الحق. وهذا أمر يدعو إلى السخرية. وتستنتج السلطات الألمانية من هذا نتيجة منطقية مؤداها أنها إذا منعت المسلمين من أن يذبحوا ذبائحهم وفق شريعتهم فسوف يضطرون إلى أكل حيوانات لم تذبح وفقا لها"



"في أول زيارة لنا إلى مكة في عام 1982 طلبنا في احد المطاعم إبريقا من القهوة، كما هي العادة في ألمانيا عندما يتناول مجموعة من الأصدقاء القهوة معا. وكلما كرر النادل السؤال أكثر من مرة عن طلبنا بهدف التأكد أرجعنا ذلك إلى صعوبة اللغة. وأخيرا احضر لنا إبريقا يمينا مملوءا بالقهوة العربية. ولكننا أحسسنا بضربات القلب تتسارع بعد احتساء ما يعادل نصف قدح من الحجم الألماني"


"تعود ظاهرة حماية الرجل للمرأة، حتى وان لم تر هي أنها في حاجة إليها، إلى آية استهلالية من آيات القران فسرت منذ قرون من الزمن بما يفيد تفوق الرجل على المرأة، وهي في بعض الترجمات الألمانية تبدأ على النحو التالي


(الرجال متفوقون على النساء) (م. سافاري)


(للرجال أفضلية على النساء) (بلزاتيجاني)


(الرجال قادة النساء) (حميدوالله)


(للرجال سلطة على النساء) (بوباكير وماسون)


(للرجال حق الرقابة على النساء) (ماتسيه)


(الرجال أعلى من النساء) (باريت)


(الرجال مسئولون عن النساء) (م. علي)

 وحمدا لله أن النص العربي (الرجال قوامون على النساء) لا يحمل المعنى المشار إليه. وهذه ليست الحالة الوحيدة التي يكيف فيها الرجال فهمهم للقرآن وفقا لممارستهم وسلوكهم في الواقع، بدلا من تكييفه لأحكام القران الودودة تجاه النساء. ولقد استلفت عبدالله بوريك وفتحي عثمان الانتباه إلى تغيير الفهم الخاطئ للآيات القرانية ولقد بدأ العالم الانجلو ساكسوني بالفعل في تغيير ذلك:


(ينبغي على الرجال أن يعنوا عناية كاملة بالنساء) (أسد)


(الرجال حماة النساء) (ي. علي)


(الرجال يعولون النساء) (بيرك)"


"تتولى المرأة في البلدان الإسلامية رئاسة الحكومة فهناك تانسو تشيلر وبناظير بوتو. وفي اعتقادي انه ما يزال أمام ألمانيا المتحررة طريقا طويلا قبل أن تصل المرأة إلى الرئاسة"



"من الخطأ أن يتصور البعض أن ارتداء الملابس الإسلامية المحتشمة بما في ذلك غطاء الرأس أمر يفرضه على النساء رجال غيورون.. والمسلمات الألمانيات خير دليل على ذلك. فالعديد منهن اهتدين إلى الإسلام بمفردهن ودون أن يكن في أسرهن رجل واحد مسلم"


"لم يمثل لي شخصيا اعتناق الإسلام مشكلات بين عائلتي وأصدقائي أو زملائي. فلم أعامل كمخرف يمر بأزمة منتصف العمر... لم أتعرض كذلك في عملي لأي مضايقات ولم يلحق بأي أذي بسبب اعتناقي الإسلام. فلقد قلدني رئيس ألمانيا د. كارستن وسام الاستحقاق، كما قامت وزارة الخارجية بتوزيع كتابي (يوميات ألماني مسلم) على سفاراتها في البلدان الإسلامية. ولكن هناك ظاهرة أخرى نلحظها بسهولة. فالعالم الغربي لا يقدم المسلمين مشيرا إلى ديانتهم، حتى لا يثار شك حول ذكائهم. ولقد صادفت تلك المواقف كثيرا أثناء رحلاتي لإلقاء محاضرات بصفتي مدير قسم المعلومات بحلف شمال الأطلنطي، سواء كانت هذه الرحلات داخل الولايات المتحدة أو أوروبا. ودائما ما يتم إغفال ذكر إسلامي عند استعراض سيرة حياتي"


"عندما أعلن النجم السينمائي ريتشارد غير اعتناقه البوذية لم تثر تعليقات سلبية ولم يتعر ض لمضايقات. فكل شي مسموح به إلا أن تكون مسلما... تتحدث وسائل الإعلام بشكل لائق وفي احترام بالغ عن طقوس بعض اليهود المتشددة، ويتابعون بحرص الفصل بين الجنسين، تدابير الزيجات، تصافيف الشعر ذات المغزى الديني، غطاء الرأس، النحر ورفض تناول لحم الخنزير. ولكن لا يتهمهم احد بانتهاك حقوق المرأة، أو أن هذه الطقوس رجعية أو متعصبة. ولكن هذه الصفات تلصق بالمسلمين إذا ما سلكوا نفس المسلك"


"يقف الصراع في البوسنة شاهدا جليا على مبدأ الكيل بمكيالين. فلقد سمي الضحايا بالمسلمين ولكن وسائل الإعلام أغفلت تماما الإشارة إلى ديانة المعتدين. فخلت وسائل الإعلام من الإشارة إلى القتلة الصرب بالمسيحيين الارثودوكس أو الكروات الكاثوليك"



صفحة الكاتب مراد هوفمان على الفيس بوك


http://www.facebook.com/pages/Dr-Murad-Hofmann/164370994275












Sunday, November 15, 2009

Touching Lines from T. S. Eliot's (Four Quartets) Rearranged in Order of Preference

Time present and time past
Are both perhaps present in time future,
And time future contained in time past.
If all time is eternally present

All time is unredeemable.

***

Go, go, go, said the bird: human kind
Cannot bear very much reality.

***


When an underground train, in the tube, stops too long between stations
And the conversation rises and slowly fades into silence
And you see behind every face the mental emptiness deepen
Leaving only the growing terror of nothing to think about;


***


I said to my soul, be still,
and wait without hope
For hope would be hope for the wrong thing;
wait without love,
For love would be love of the wrong thing;
there is yet faith
But the faith and the love and the hope are all in the waiting.
Wait without thought, for you are not ready for thought.


***

So here I am, in the middle way, having had twenty years—
Twenty years largely wasted, the years of l'entre deux guerres
Trying to use words, and every attempt
Is a wholly new start, and a different kind of failure.


***


There is only the fight to recover what has been lost
And found and lost again and again: and now, under conditions
That seem unpropitious. But perhaps neither gain nor loss.
For us, there is only the trying. The rest is not our business.

***


There are three conditions which often look alike
Yet differ completely, flourish in the same hedgerow:
Attachment to self and to things and to persons,
Detachment from self and from things and from persons;
and, growing between them, indifference
Which resembles the others as death resembles life,


***


Time and the bell have buried the day,
The black cloud carries the sun away.
Will the sunflower turn to us, will the clematis
Stray down, bend to us; tendril and spray
Clutch and cling?

***


O dark dark dark.
They all go into the dark
I said to my soul, be still,
and let the dark come upon you
Which shall be the darkness of God.
As, in a theatre,
The lights are extinguished, for the scene to be changed.




***


I can only say, there we have been:
but I cannot say where.
And I cannot say, how long,
for that is to place it in time.


***


In my beginning is my end. In succession
Houses rise and fall, crumble, are extended,
Are removed, destroyed, restored, or in their place
Is an open field, or a factory, or a by-pass.
Old stone to new building, old timber to new fires,
Old fires to ashes, and ashes to the earth
Which is already flesh, fur and faces.


***


Had they deceived us
Or deceived themselves, the quiet-voiced elders,
Bequeathing us merely a receipt for deceit?

The wisdom only the knowledge of dead secrets

Useless in the darkness into which they peered
Or from which they turned their eyes.
There is, it seems to us,
At best, only a limited value
In the knowledge derived from experience.
The knowledge imposes a pattern, and falsifies,
For the pattern is new in every moment
And every moment is a new and shocking
Valuation of all we have been.


***

Do not let me hear
Of the wisdom of old men,
but rather of their folly,
Their fear of fear and frenzy,
their fear of possession,
Of belonging to another,
or to others,
or to God.
The only wisdom we can hope to acquire

Is the wisdom of humility: humility is endless.


***


In order to arrive at what you do not know
You must go by a way which is the way of ignorance.
In order to possess what you do not possess
You must go by the way of dispossession.
In order to arrive at what you are not
You must go through the way in which you are not.


***


The chill ascends from feet to knees,
The fever sings in mental wires.
If to be warmed, then I must freeze


***

It seems, as one becomes older,
That the past has another pattern, and ceases to be a mere sequence—
Or even development: the latter a partial fallacy
Encouraged by superficial notions of evolution,
Which becomes, in the popular mind, a means of disowning the past.

We had the experience but missed the meaning,

The backward look behind the assurance
Of recorded history,
the backward half-look
Over the shoulder,
towards the primitive terror.
Now, we come to discover that the moments of agony
are likewise permanent,
With such permanence as time has.
We appreciate this better
In the agony of others, nearly experienced,
Involving ourselves, than in our own.


***
The first-met stranger in the waning dusk
I caught the sudden look of some dead master
Whom I had known, forgotten, half recalled

I said: 'The wonder that I feel is easy,
Yet ease is cause of wonder. Therefore speak:
I may not comprehend, may not remember.'



For last year's words belong to last year's language
And next year's words await another voice.


***


We cannot revive old factions
We cannot restore old policies
Or follow an antique drum.

Whatever we inherit from the fortunate
We have taken from the defeated
What they had to leave us—a symbol:
A symbol perfected in death.


***

We shall not cease from exploration
And the end of all our exploring
Will be to arrive where we started
And know the place for the first time.


***
That was a way of putting it—not very satisfactory:
A periphrastic study in a worn-out poetical fashion,
Leaving one still with the intolerable wrestle
With words and meanings.




(The End)



Wednesday, November 11, 2009

تاكسي (حواديث المشاوير) لخالد الخميسي

كتاب خفيف الظل يضم بين دفتيه سسلة من الحكايات والحوارات التي عاشها الكاتب ما بين ابريل 2005 الى مارس 2006 في دراسة انثروبولوجية حية لحكايات سائقي التاكسي في شوراع القاهرة. ترصد الحكايات بلغة حية صادقة نبض الشارع المصري وهموم شريحة مطحونة اقتصاديا في كسب قوت يومها تتميز ايضا بخبرات واسعة في المجتمع بسبب احتكاكها اليومي بمزيج هائل من البشر. يذكر الخميسي في مقدمته انه وجد في التحلليل السياسي لبعض السائقين عمقا اكثر مما لدى العديد من المحللين السياسين الذين "يملئون الدنيا صخبا". وخالد الخميسي اعلامي ومنتج ومخرج وكاتب سيناريو حاصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة السوربون.


قال المفكر المعروف د. عبد الوهاب المسيري عن هذا الكتاب انه "عمل ابداعي اصيل ومتعة فكرية حقيقة."


وهذه مقتطفات مختصرة وقليلة من بين ثمانية وخمسين حكاية جميلة من حكايات المشواير 

(1)

هنا القاهرة.. نشرة الاخبار.. ثم اتحفنا المذيع بعدد لا يحصى من الحوادث، طبعا بعد تفصيل ما فعله الرئيس مبارك اثناء اليوم.

السائق: هم ليه مصممين ان احنا لسه متخلفين عقليا ولسه ما طلعناش من الحضانه. تحصل حادثة قطر عندنا، فجأة نقعد كام يوم نسمع عن كل حوادث القطره اللي حصلت في العالم. بعدين تطلع مذيعة اطفال وتكلمنا بصوت بتاع اشربوا اللبن قبل ما تناموا وتقعد تدينا نصايح بصوت ام حنون باعتبار انه الشعب لسه ما شالش الكفولة.

وبعدين زهقنا كمان من اخبار الرئيس. كل نشرة، الرئيس قابل والرئيس اتصل، انا مالي هو كلم مين ولا راح افتتح ايه، اما الاخبار اللي تهمنا مافيش، حاجة تقرف. كل واحد عايز يتمحلس شوية يتمحلس على قفايا انا، انا رأيي يعملوا اذاعات فيها نشرات بجد ونشرات محلسه ويسموها كده، عشان الرئيس يسمع نشرات المحلسه ويبقى يرقيهم، واحنا نسمع بقية النشرات.

ياعم انا مالي! هي كانت بلدنا؟ دي بلادهم همه، يعلموا فيها اللي همه عاوزينه، واحنا خلينا في التاكسي!


(2)

يا الهي! كم عمر هذا السائق؟ وكم عمر هذه السيارة؟ فان عدد الكرمشات في وجهه بعدد نجوم السماء. شعرت بمجرد الجلوس بجانبه ان الحياة بخير.

أنا: حضرتك اكيد بتسوق من فترة طويلة؟

السائق: انا بسوق تاكسي من سنة 48

أنا: وايه يا ترى خلاصة خبرتك اللي ممكن تقولها لواحد زيي

السائق: نملة سوداء على صخرة سوداء في ليلة سوداء يرزقها الله.

انا: قصدك ايه؟

السائق: احكيلك حكاية حصلت لي الشهر ده عشان تفهم. عييت لمدة 10 ايام عيا شديد وماكنتش قادر اتحرك. وانا طبعا على باب الله يعني اليوم بيومه معايا. ومراتي مخبيه علي وعمالة تشحت اكل من الجيران. وانا طبعا ولادي اللي فيهم مكفيهم، اللي جوز نص عياله ومش عارف يجوز النص التاني. في يوم كدبت على الحجة وقلت لها ح اقعد في القهوة ساعة. ونزلت دروت على العربية وقلت يا ربنا يا رزاق. فضلت ماشي ولقيت عربية بيجو عطلانة والسواق بتاعها بيشاور لي. وقفت وقال لي: معايا واحد عربي طالع المطار. تاخده علشان عربيتي عطلت؟

ركب معايا الزبون وطلع من عمان، من عند السلطان قابوس. وانا في الطريق عرفت انه رايح قرية البضايع علشان حاجة يخلصها فعرفته انه حفيدي يشتغل هناك وانه ممكن يساعده في تخليص الجمرك. وبالفعل خلصنا الحجات ورجعنا.

سألني حتاحد كم يا حاج؟ قلت اللي تجيبه. فراح مديني خمسين جنيه. شكرته ودورت العربية.

قال لي: بص يا حج. الجمرك كان المفروض يبقى ب 1400، دفعت انا 600 جنيه، يعني الفرق 800 جنيه دول طالعين من ذمتي. يعني حلالك. واجرة التاكسي 200 جنيه. آدي الف جنيه والخمسين اللي معاك هدية مني.

شفت يا استاذ.. يعني مشوار واحد جاب لي الف جنيه ممكن اشتغل شهر وماجيبهومش. شوف ربنا نزلني من بيتي وعطل عربية البيجو واوجد كل المسببات علشان يرزقني. اصل الرزق ده مش بتاعك، كله بتاع ربنا.

(3)

السائق: واحد ماشي في الصحراء لقى مصباح علاء الدين دعكه طلع جني. قال شبيك لبيك. الراجل ما صدق وراح طالب مليون جنيه. راح الجني مديله نص مليون. قال له وفين النص التاني انت حتخنصر من اولها. قال الجني: اصل الحكومة مشاركة في المصباح فيفتي فيفتي (ثم انفجر ضاحكا) انت عارف الحكومة فعلا بتاخد يجي نص مكسبنا.

أنا: ازاي؟

السائق: عن طريق التقليب. كل شوية يطلعوا لنا في حدوتة جديدة. بص بصراحة احلى واحدة بتاعة الحزام.

أنا: ماله الحزام؟

السائق: فجاة قالوا لازم تركب حزام والمخالفة بخمسين جنية. وراحت نازلة حزمة نار ما يقلش عن ميتين جنيه. طبعا داخل فيها ناس كبار، تصور حضرتك فيه كام تاكسي في مصر, عد انت بقى.. شغل بالملايين يا باشا. الحكاية كلها بيزنس في بيزنس. الكبار قوي استوردوا احمزة وباعوها وكسبوا ملايين. والداخلية اشتغلت مخالفات الله ينور ولموا ملايين. يعني الكل مستفيد. والكل عارف انه الحزام ده كدب في كدب. ديكور يعني... بنركبه اونطة. الحزام ده اما تدوس على الفرامل يشد معاك اما عرابيتنا لما تدوس يفك معاك. (ورفع السائق امامي الحزامي ليريني انه ليس مربوطا)

الظابط لو وقفك بيبص على الحزام وهوعارف كويس قوي انه ديكور. احنا عايشين في كدبه ومصدقينها. والحكومة دورها انها تراقب احنا مصدقين الكدبة، ولا لأ؟

(4)

السائق: انت حضرتك ما يخيلش عليك الحجاب اللي هما لابسينه. شوف البنطلون المحزق والهباب اللي ملطخين بيه خلقتهم. اللهم اكفينا شرهم. مصيبة والعياذ بالله. البنات عايزه الدبح. لأ والله الدبح قليل عليهم. دول عايزين الحرق. علامة من علامات الساعة. اصل الساعة قربت. الانحلال بيعم والاخلاق ما فيش والفساد على ودنه. واهم حاجة منسوب المياه في بحيرة طبرية. بيقولوا ان يوم الساعة حتكون البحيرة دي ناشفة تماما.. دلوقت سمعت انها خلاص بتنشف ما فضلش من المية غير القليل... واللي بيحصل في فلسطين والقدس. المسألة واضحة تماما. كلها كم سنة وخلاص.. من اجتهد لله حيترفع للجنة والبقية حيتخسف بيهم الارض ان شاء الله. اللي واكلينها والعة وماصين دمنا حيصلوا في نار جهنم ان شاء الله. والدور والباقي على الستات. دوول حيتشووا على النار لغاية ما يقولوا يا كافي.

(حمدت ربي انني وصلت وهربت من التاكسي قبل ان تصلني لعناته. وحمدت الله انني لست امراة )


(5)

السائق: الزمالك دي عاملة زي مصر لازم كلنا نقف معاها عشان تبطل ترجع لورا؟

أنا: ازاي نقف معاها؟

السائق: ان احنا نجهز ولادنا للحرب. الامريكان يقولوا يمين نروح يمين.. شمال.. نجري شمال.. بس ده كان مهم عشان ناخذ نفسنا واقتصاد البلد يشد حيله ونعرف نقف على رجلينا... لكن الحرب جايه جايه. الاسرائليين مش حيقدروا ما يحربوش.. السلام حيموتهم.. فكل واحد في البلد دوره انه يجهز ولده للحرب.. لانها جايه جايه.. المشكلة فيهم مش فينا.. هما اللي مش حيقدروا يعملوا سلام.. واحنا ما ينفعش نعمل سلام مع نفسنا.. السلام ده لازم نعمله مع حد تاني؟ (يضحك من نكتته).. انا شخصيا اشرح لولادي الموضوع علشان لما تدق الطبول يسمعوا دقتها.


(6)

السائق: في واحد لسه نازل من شويه قال انه حادثة خان الخليلي مش عاملها الاسلاميين ولا حاجة، وان دي الحكومة اللي عاملاها عشان الناس تتعاطف معاها ضد الاسلاميين قبل الانتخابات الرئاسية. السياسية ده كده طول عمرها وسخة. ما احنا كلنا عارفين ان الامريكان هما اللي ضربوا البرج بتاعهم ولبسوها الاسلاميين. السياسية شعارها اللي تكسب به العب به.

أنا: انت بتقول ايه؟ مفيش اخلاق مفيش قانون؟ انت فاكر احنا عايشين في غابة.

السائق: ليه وانت فاكرنا عايشين فين؟ في مدينة؟ ده الغابة رحمه على اللي احنا فيه. انت عارف احنا عايشين فين؟

أنا: فين؟

السائق: في الجحيم.


(7)

السائق: مفيش ديموقراطيه في العالم.. طبعا عندنا مفيش داعي نتكلم، بس كمان بره. في امريكا الناس بتروح تنتخب بين حزبين وهما في الحقيقة نفس الحاجة.. زي ما هنا تروح تنتخب مبارك او مبارك. بس في فرق.. مثلا، ما ينفعش هناك يقولوا جماعة الاخوان المحظورة ويبقوا هم اللي واقفين قدام الحزب الوطني. هناك محظروة يعني محظورة, اما هنا محظورة وسايبينها تشتغل.

على فكرة مش بس الاخوان، ده اي واحد فينا ممكن يتقبض عليه بالقانون. يعني مثلا لو وقفني دلوقتي حيقولك الرخص.. الرخص سليمة.. حيقولك الطفاية فاضيه او بعيدة عنك او قديمة.. ما تفهمش عرف ازاي انها فاضيه او قديمة.. ولو عديت من الطفاية يقوللك امن ومتانة واكيد اي عربية في مصر مخبوطة خبطه صغيره في حته. يعني باختصار احنا كلنا محظروين.. واي واحد في البلد دي زي الاخوان ممكن يتلم في اي وقت.

(8)

6 اكتوبر.. 6 اكتوبر.. صرخات كنت اطلقها في الهواء كي تقنع احد سيارت الاجرة بالتوقف ولكن هيهات. وبعد صبر توقف تاكسي.

انا: اي الحكاية؟ بقى لي نص ساعة ما حدش عايز يقف لي.

السائق: ولا حد كان حيوقف لك.

انا: ليه؟

السائق: بالليل كده وفي حتت مقطوعة وبالذات قي 6 اكتوبر صعبه الايام دي.

انا: ليه؟ فيه ايه؟

السائق: حصلت كم حادثة كده. زباين ياخدوا تاكسي ويقولوا 6 اكتوبر وفي حته مقطوعة يطلعوا مطاوي وياخذوا اللي معاه ويرموه على الطريق وياخذوا العربيه.

انا: وانت عرفت منين، انتنشرت في الجرايد؟

السائق: انا لاقي اكل عشان اشتري جرايد. انا كنت قاعد على القهوة لقيت شوية سواقيين وجايبين ورق مكتوب فيها الكام حادثة دول وبيوزعوها على السواقين وادوني كذا نسخه اوزعها على سواقين انا عارفهم. عشان كذا انا بصيت لك كويس قبل ما اركبك.

(ارهبتني القصه ولكن اعجبني قصة تكاتكف السائقين وتوزيعهم منشور تحذيري)


(9)

شغل موضوع تاكسي العاصمة اذهان العديد من السائقين. ومرت السنوات والمشروع لم ير النور بعد. ولقد اطلقوا عليه اسم تاكسي القاهرة الدولي. ما معنى كلمة دولي هنا؟ ولماذا دولي؟ وهل سيارة التاكسي هي الدولية او القاهرة التي تم تدويلها؟ واستمر سائقوا التاكسي الابيض والاسود اولاد البطة السوداء في البحث عن كافة التفاصيل الخاصة باعداد سيارات الاجرة الصفراء اولاد البطة البيضاء. وتسائلوا عمن سيركب هذه التاكسيات؟ وهل سؤثر المشروع عليهم؟

السائق: بيتكلموا عن الموضوع دا وكانه مشروع قومي. بيقولوا حينزلوا 1500 عربية، وفي القاهرة ثمانين الف تاكسي. حيتشافوا فين دول. والله الحكاية دي فكرتني بنتكة الرئيس اللبناني اللي راح يزور الصين، فسأله الرئيس الصيني: ما جبتش معاك الشعب اللبناني ليه؟

بعدين تاكسي العاصمة عامل بالظبط زي الليموزين اللي عملته جيهان السادات. كان للاجانب وبس. واللي يطمن ان الحكومه مش بتفكر غير في السياح والاغنياء، واحنا بنركب الشعب الغلبان اللي الحكومة مالهاش دعوة بيهم.

(10)

انا: شايف العيال حلوة ازاي

السائق: حلوة صحيح.. لكن اهلهم مجانين

انا: ازاي؟

السائق: مجانين انهم يودوا عيالهم المدارس

أنا: امال يودوهم فين؟

السائق: العيال بيروحوا المدارس وما بيتعلموش حاجة. ويفضل الاهل يكعوا دروس خصوصية فوق العشر سنين. وينتهي المشوار الاهل ما حليتهم الا اللظى والعيال ما لحقوش اي شغلانة.. يعني عبط في عبط.. وبعدين تلاقي العيال دول زاحمين الشوارع على طول، عيال رايحة من المدارس وعيال راجعة من المدارس، وبنزين وتلوث ووساخة، دوشة فاضية.

دلوقتي لا تعليم صناعي نافع ولا زراعي نافع ولا تجاري نافع. وما تنساش ان العيال يا عيني بيتعشموا او بيفتكروا انهم اتعلموا بحق وحقيقي.. وهما ما بيعرفوش يفكوا الخط.. الحاجة الوحيدة اللي بيتعلموها في المدارس هي النشيد الوطني.. حلو.. بس دي حتنفعهم في ايه؟؟


(11)

سألني السائق: مستعجل؟ انا لازم احط غاز، فاجبت بالنفي. ولكنني لم اكن اتوقع على الاطلاق هذا الطابور الذي لا ينتهي من السيارات في محطة الغاز، لم تكن هناك اي سيارة ملاكي في الانتظار، سيارت تاكسي فقط وكان الطابور ممتدا كالثعبان. لم يكن الطابور يتحرك كثيرا ووجدنا سائقين مجتمعون على جانب المحطة تاركين سيارتهم منتظرين ان يتقدم الطابور، نزلنا لننضم لبقية السائقين.. كانوا في حالة من الضحك الجماعي المتصل.

قال احدهم: عارفين ايه احسن هدية تجيبوها للمدام؟ تذكرة على عبارة السلام.

طيب عارفين نظرية الجواز: قبل الجواز انت تتكلم وهي تسمع، بعد الزواج هي تتكلم وانت تسمع، وبعد تلات سنين من الجواز انت وهي تتكلموا وامة لا اله الا الله تسمع.

تنطلق ضحكات هيستيرية ثم يقول احدهم: اسمعوا دي نكتة مصرية جدا.. قرد في غابة لقى النمور بتجري ووراهم حمار عمال يجري فسأله انت بتجري ليه؟ قال له: حيقبوضوا على النمور. قال القرد: طب وانت مالك؟ رد الحمار: حلني بقة لما عقبال ما اثبت اني مش نمر.

ضحكت من قلبي وشكرت السائق على هذه العطلة، وقررت كلما ضاقت بي السبل ان آتي الى تلك المحطة واشارك سائقي التاكسي ضحكاتهم العالية، المجوفة، الفارغة، الخارجة من المعدة وليست بالتاكيد من القلب.


Saturday, October 24, 2009

الصفحة السوداء للكتاب المقدس

كتاب صادر عن دار الكتاب العربي عام 2006 من القطع المتوسط لمحمد حسني يوسف يحلل فيه المفاهيم النصرانية ويردها إلى أصلها ونشأتها. يستعرض الكتاب لمحة عن الكتاب المقدس (العهد القديم والجديد) ونشؤ فكرة التثليث في العقيدة النصرانية. كما يتناول الجزء الخاص برؤية يوحنا بتفسير مفصل يرجح الكاتب أنها هي البشارة بظهور محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي ما يسميها بالصفحة السوداء للكتاب المقدس لأنها تقف شاهدا عليهم. ولمزيد من التفاصيل عن الرؤيا انصح بالرجوع إلى الفصل الثالث من الكتاب

لكنني شخصيا لم اقتنع بالتفسير المعطى للرؤيا في الكتاب خصوصا وان الرؤيا ذاتها لا يمكن الأخذ بها كمرجع وحجة لعدة أسباب منها التحريف والتعديل الذي اعترى نصوص الكتاب المقدس، و عدم وضوح الرموز في الرؤيا وإمكانية اختلاف دلالاتها، أن الرؤيا لم تنقل عن المسيح ذاته وإنما نقلت عن يوحنا وقد تكون مكذوبة.

نبذة عن الكتاب المقدس
يتكون الكتاب المقدس من العهد القديم والعهد الجديد

العهد القديم
يراد بالعهد (الميثاق) أي أن هذه الأسفار (التوراة) تمثل ميثاقا أخذه الله على الناس. والعهد القديم هو معتقد بني إسرائيل وهي عندهم وحي وتنزيل يستمدون منه عقيدتهم وشريعتهم وأخلاقهم. يشتمل العهد القديم على تسعة وثلاثين سفرا (كتابا) حسب الأصل العبري وهي التي اقرها البروتستانت. وهناك بعض الأسفار التي اقرها الكاثوليك ورفضها البروتستانت وينقسم العهد القديم إلى ثلاثة أقسام وهي التوراة والكتب والانبياء

التوراة: أي الشريعة أو القانون. يعتقد بني إسرائيل أنها أسفار موسى عليه السلام وهي خمسة أسفار: سفر التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية. بعض طوائف اليهود كالسامريين لا يعترفون بغير هذه الأسفار في توراتهم

الكتب: تسجيل بعض التقاليد والوقائع التاريخية لبني إسرائيل كتبت من بعد موسى عليه السلام: سفر القضاة، أخبار الأيام الأول، أخبار الأيام الثاني، المزامير، الأمثال وغيرها

الأنبياء: وهي كتب أنبياء بني إسرائيل كتبت من بعد موسى عليه السلام. مثل : سفر يشوع، صموئيل الأول، هوشع، إشعياء، يونان يونس)، أيوب، إرمياء، دانيال وغيرها)

العهد الجديد
يتكون العهد الجديد من سبعة وعشرين سفراً اقرها علماء النصارى في مجامعهم من بين عشرات الكتب الأخرى في القرن الخامس الميلادي. ترجع أقدم النسخ التي لدى الكنيسة من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث الميلادي

كتب العهد الجديد باللغة اليونانية، ولكن وجدت فيه كلمات باللغة الآرامية ثم نقلت إلى اليونانية. ثم ترجمت إلى السريانية وأخذها نصارى الشام في كنائسهم. ثم كانت الترجمة الانكليزية المعتمدة ونالت هذا الامتياز بنسبتها إلى الملك جيمس، وهي ترجمة بعيدة كل البعد عن الدقة. وتنقسم أسفار العهد الجديد إلى ثلاثة مجموعات

أولا: الأناجيل الأربعة

إنجيل مرقس: أول ما دون من الأناجيل وكتب في روما على الأقل بعد أربعين سنة بعدما دعي بصلب المسيح، والإنجيل الذي بين يدينا اليوم يعتبر نسخة مزيدة ومنقحة. مرقس لم يقابل المسيح ويقال انه ألف إنجيله من ذكريات نقلها له بطرس

إنجيل متى: دون في أنطاكية عام 90 م ويميل بعض العملاء أن هذا الإنجيل من تأليف أتباع متى كتب بالآرامية ثم ترجم إلى اليونانية

إنجيل لوقا: دون في اليونان عام 80 م

إنجيل يوحنا : دون في أفسس مابين عامي 110 و 115 م ولا يوجد عالم من العلماء المتحررين من يعتبر هذا الإنجيل من أعمال يوحنا بن زبدى فقد مات يوحنا شنقا بواسطة افريباس الأول عام 44 م بمدة طيلة سابقة لتاريخ تدوين الإنجيل الرابع. يناقض هذا الإنجيل الأناجيل الأخرى في مئات التفاصيل فهو لا يدعي انه ترجمة لحياة يسوع كباقي الأناجيل وإنما عرض للمسيح من وجهة النظر اللاهوتية بوصفه

كلمة الله وخالق العالم ومنقذ البشر
ثانيا: أعمال الرسل: وهو يحكي تاريخ نشأة الكنيسة وظهور بولس المدعو رسولا

ثالثا: الرسائل المقدسة: إحدى وعشرون رسالة منها أربعة عشرة لبولس وهي بمثابة مواعظ وإرشادات للكنائس

الأناجيل الغير معتمدة وموقف الكنيسة من إنجيل برنابا
هناك الكثير من الأناجيل التي لا تعترف بها الكنيسة سندا للإيمان المسيحي مثل (إنجيل مريم، إرنايوس، توما، يعقوب، برنانبا، اكليمندس) وغيرها. أما إنجيل برنابا فيرجع تاريخ كتابته إلى القرن الخامس الميلادي وقد اصدر البابا جلاسيوس عام 492 أمرا يبين الكتب المنهي عن مطالعتها وفي أعدادها إنجيل برنابا. فإنجيل برنابا أنكر الوهية يسوع وكونه ابن الله، وان الذبيح الذي عزم ابراهيم عليه السلام على تقديمه لله إنما هو إسماعيل وليس إسحاق كما تذكر الأناجيل الأخرى. كما يذكر هذا الإنجيل اسم محمد باللفظ الصريح في أكثر من موضع. يذكر هذا الإنجيل أيضا أن يسوع لم يصلب بل حمل إلى السماء وان الذي صلب هو يهوذا الإسخريوطي الخائن

لقد اطلعت شخصيا على إنجيل برنابا باللغتين العربية والانجليزية. وعلى الرغم من انه قد يكون أقدم الأناجيل ذلك أن برنابا هو أحد تلاميذ المسيح عليه السلام، بحسب الرواية النصرانية، إلا إنني وجدت أن إنجيله قد اعتراه من التحريف ما اعترى الأناجيل الأخرى ولا يمكن استخدامه كحجة. ومن المحتمل أيضا أن لا يكون برنابا هو الذي دون هذا الإنجيل إنما احد تلاميذه أو أن يكون دون بعده بزمن بعيد ثم نسب إليه

أما بالنسبة ليهوذا الاسخريوطي، فلقد ورد في كتاب حسن حمدي (إنجيل يهوذا الاسخريوطي والبحث عن خائن المسيح) انه اكتشف حديثا في احد الكهوف المصرية وتحديدا في مايو 1981 مخطوطة لإنجيل نسبت روايته إلى يهوذا الاسخريوطي. الكتاب صادر عن دار الكتاب
العربي 2007.

الأناجيل لا يعول عليها
تم تصنيف الأناجيل بعد انقسامات مبكرة للنصارى إلى عدة طوائف مختلفة ولم تكن الأناجيل الأربعة الوحيدة التي دونت في القرون الأولى من العصر المسيحي. فكان من بين الأناجيل ما دون بالآرامية وكان يستخدمها الناصريون (سكان مدينة الناصرة موطن المسيح) وهؤلاء استنكروا أن يكون يسوع هو الإله المتجسد وأيقنوا انه مجرد نبي عظيم بينهم. لكن الكنيسة أعلنت أن هذه الأناجيل ما هي إلا هرقطات.

ولا زالت إلى الآن تجري تغييرات في نصوص الأناجيل حتى ما بين الطبعات المختلفة للنسخة الواحدة كالطبعة الأولى للملك جيمس وما تلاها من تغيرات في الطبعات اللاحقة. فإن البرفسور دوملو الأستاذ بجامعة كامبردج كتب في موسوعته الشهيرة في تفسير الكتاب المقدس

إن الناسخ في بعض الأحيان يضع في النص ما لم يكن فيه
لا وجود لنسخة الإنجيل الموحى به إلى يسوع المسيح في حياته
إن الأناجيل التي دونت ما بين عام 70 و 115 م تحتوي على مادة قد حدث التصرف فيها
لا احد من الكتاب الذين دونوا الأناجيل عرف المسيح أو استمع إليه مباشرة
كتبت الأناجيل باليونانية بينما كان المسيح يتحدث الآرامية
انه يوجد خلافات جسيمة بين المخطوطات المختلفة للأناجيل المحفوظة

أثر اليهود في تحريف المسيحية ووصولها إلى أوروبا

لقد كان لليهود اثر بارز في انحراف النصرانية ووصولها إلى ما آلت إليه في عقيدتها. فقد حاول اليهود منذ البداية اجتثاث النصرانية من جذورها، إلا أنهم لم يستطيعوا فلجأوا إلى أسلوب الدس والتحريف ليصرفوا رسالة المسيح عن القصد الأساسي التي جاءت به ويجعلوها دعوة عالمية وانحرافها عن كونها دعوة خاصة ببني إسرائيل

يرجع الفضل في انتشار المسيحية في ربوع الإمبراطورية الرومانية إلى رحلات بولس (اليهودي المتنصر) في آسيا وأوروبا. كما يرجع إليه الفضل في اعتناق الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحية

كان بولس يدعى (شاول) وهو اسم عبري، ولد في مدينة طرسوس اليونانية من أبوين يهوديين. تربى على يد غمالائيل حبر من أحبار اليهود. لم يرتاد بولس الأروقة العلمية أو يدرس الكتب اليونانية ذلك أن اليهود كانوا يمنعون أن يتأدبوا أبنائهم بالأدب اليوناني، وهذا يفسر لغته اليونانية الركيكة في رسائله

ولكن بولس قد تمتع بصفات خلقية لعبت دورا مميزا خصوصا بعد تنصره، فكان عقله من طراز شائع بين اليهود، وكان فيه من الخيال ونفاذ البصيرة أكثر مما فيه من نزاهة الحكم

ويذكر الإصحاح التاسع من سفر الأعمال قصة التحول المفاجئ لبولس من اليهودية إلى النصرانية. فقد كان بولس يهوديا متشددا يعلن عداءه للدين الجديد، وما لبث إلا أن تحول إليه فجأة. هناك من قال أن بولس تنصر بمعجزة إلهية، ومن قال انه كان يعاني من الصرع. وكان بولس أول من وصف المسيح بابن الله، فهو أمر لم يسمعه احد من المسيح عليه السلام أو تلاميذه

أرسل بولس رسائله إلى الأمصار ولم يستشر أحدا من تلاميذ المسيح عليه السلام. فلقد صرح بولس بنفسه انه لم يتعلم من الحواريين شيئا، فما هي مصادر معلوماته ودعوته؟

وما أن رأى انتشار الدين الجديد حتى خشي الإمبراطور الروماني قسطنطين على ملكه وآثر اعتناق هذا الدين حتى تتوسع رقعة حكمه ويبسط سلطته على كل الأراضي المسيحية خصوصا وان المسيحيين قد ذاقوا الأمرين في عهد من سبقوه من الأباطرة الرومان. ونظرا للخلاف الذي لا يزال قائما حول ألوهية يسوع ونبوته، خصوصا بعد البلبلة التي أحدثها بولس في العقيدة المسيحية، دعا الإمبراطور قسطنطين إلى مجامع كنسية لحسم الخلاف ولجمع المسيحيين على عقيدة واحدة

وهكذا اجتمع في عام 325 م في مجمع نيقية 2048 أسقفا كان منهم 338 فقط يزعمون ألوهية المسيح. وعلى الرغم من كونهم أقلية فقد انتهى المجمع بانحياز الإمبراطور إلى القول بإلوهية المسيح وحرق كل ما هو مكتوب بخلاف ذلك. وعلل الباحثون قول قسطنطين بألوهية المسيح انه كان إرضاء لغالبية شعب الإمبراطورية من الوثنيين إضافة أن فكره لا يزال وثنيا

ومن ابرز الفرق التي عارضت تأليه المسيح فرقة الآريوسيين التي اعتبرها النصارى فيما بعد فرقة ضالة ولقد حكم قسطنطين على آريوس وعلى كل الأساقفة الذين رفضوا التوقيع على صيغة ألوهية المسيح باللعنة والنفي وصدر مرسوم إمبراطوري بحرق كتبهم وأن إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام

وكان في خطاب محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل قيصر الروم إشارة إلى ذلك

"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم
أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم البريسيين" وفي رواية صاحب الفتح "الآريسيين"

وينقل العقاد أن دعاة الإصلاح في القرن السادس عشر قد أعادوا البحث في الوهية المسيح فظهر مذهب الموحدين الذي نشأ في بولونية وقرر أن الإله لا يحل في البشر وان المسيح عليه السلام إنسان كسائر البشر.

Sunday, October 18, 2009

The Best Quotes from the Very Quotable Man and Superman by G. B. Shaw

I spent a very lovely time during my summer break with one of Shaw's finest plays: Man and Superman, not to mention that I never cease applying the word "finest" to every last piece of him I read, probably till I exhaust them all. It was first applied to Arms and the Man, then to Pygmalion, and later to Saint Joan. I have to admit, though, that Candida and Major Barbara are never, and probably will never, be crowned "finest" by me. Besides, there is always something about Shaw's endings, aka denouements, that leave me unsatisfied; in other words, his "catharsis" does not "purge." He, being more a core-shaker than a problem-solver, strikes the nerves and leaves the wounds unhealed.

Anyway, if you haven't read Man and Superman, the following quotes would be good to begin with.


"The more things a man is ashamed of, the more respectable he is. Why, you're ashamed to buy my book, ashamed to read it: the only thing you're not ashamed of is to judge me for it without having read it" (I)

"that's the devilish side of a woman’s fascination: she makes you will your own destruction" (I)

"It’s so hard to know what to do when one wishes earnestly to do right" (I)

"I had become a new person; and those who knew the old person laughed at me. The only man who behaved sensibly was my tailor: he took my measure anew every time he saw me, whilst all the rest went on with their old measurements and expected them to fit me" (I)

"When you go to heaven, Ann, you will be frightfully conscious of your wings for the first year or so. When you meet your relatives there, and they persist in treating you as if you were still a mortal, you will not be able to bear them. You will try to get into a circle which has never known you except as an angel" (I)

"It is this consideration of other people—or rather this cowardly fear of them which we call consideration—that makes us the sentimental slaves we are" (I)

"Sherbrooke Road is a place where boys learn something: Eton is a boy farm where we are sent because we are nuisances at home, and because in after life, whenever a Duke is mentioned, we can claim him as an old school-fellow" (II)

"Abnormal professions attract two classes: those who are not good enough for ordinary bourgeois life and those who are too good for it. We are dregs and scum, sir: the dregs very filthy, the scum very superior" (III)

"THE STATUE: My dear: I am so much more admired in marble than I ever was in my own person" (III)

"Man measures his strength by his destructiveness… The highest form of literature is the tragedy, a play in which everybody is murdered at the end" (III)

"They are not beautiful: they are only decorated. They are not clean: they are only shaved and starched. They are not dignified: they are only fashionably dressed. They are not educated: they are only college passmen. They are not religious: they are only pewrenters. They are not moral: they are only conventional. They are not virtuous: they are only cowardly. They are not even vicious: they are only “frail.” They are not artistic: they are only lascivious. They are not prosperous: they are only rich. They are not loyal, they are only servile; not dutiful, only sheepish; not public spirited, only patriotic; not courageous, only quarrelsome; not determined, only obstinate; not masterful, only domineering; not self-controlled, only obtuse; not self-respecting, only vain; not kind, only sentimental; not social, only gregarious; not considerate, only polite; not intelligent, only opinionated; not progressive, only factious; not imaginative, only superstitious; not just, only vindictive; not generous, only propitiatory; not disciplined, only cowed; and not truthful at all: liars every one of them, to the very backbone of their souls" (III)

"I've noticed, madam, that every thousand dollars an Englishman gets seems to add one to the number of people he’s dependent on" (IV)

"We all lie; we all bully as much as we dare; we all bid for admiration without the least intention of earning it" (IV)

Saturday, October 17, 2009

مختصر كتاب النقد الثقافي: قراءة قي الأنساق الثقافية العربية لعبدالله الغذامي

لقد أدى النقد الأدبي دورا مهما في الوقوف على جماليات النصوص وفي تدريبنا على التذوق الجميل النصوصي ولكنه أوقعنا في حالة من العمى الثقافي التام عن العيوب النسقية من تحت عباءة الجمال الشعري والبلاغي حتى صارت نموذجا يتحكم فينا ذهنيا وعمليا. وبما أن النقد الأدبي غي مؤهل للكشف عن هذا الخلل فان الدعوة هي بإحلال النقد الثقافي مكانه. وتحويل المهمة من نقد النصوص إلى نقد الأنساق. فالنسق الثقافي يتحرك في حبكة متقنه وهو خفي ومضمر ويستخدم أقنعة كثيرة وأهمها قناع الجمال اللغوي. وتحت قناع البلاغة وجماليتها تمر الأنساق آمنه مطمئنة من تحت هذه المظلة الوارفة.

النسق الناسخ: (اختراع الفحل)
في الشعر العربي جمال وأي جمال ولكنه ينطوي على عيوب نسقية خطيرة، نزعم أنها كانت السبب وراء عيوب الشخصية العربية ذاتها، فشخصية الشحاذ والكذاب والمنافق والطماع من جهة، وشخصية الفرد المتوحد فحل الفحول ذي الأنا المتضخمة النافية للأخر من جهة أخرى هي من السمات المترسخة في الخطاب الشعري العربي. هل المتنبي مبدع عظيم أم شحاذ عظيم؟ أم الاثنان معا؟ وهل في ثقافتنا علة أو علل نسقية تجعلها خطابا منافقا ومزيفا، غير واقعي وغير عقلاني؟

لا ريب أن الاختراع الشعري الأخطر في لعبة المادح والممدوح قد جلب منظومة من القيم النسقية التي تقوم أول ما تقوم على الكذب، مع قبول الأطراف كلها من مادح وممدوح والوسط المزامن والملاحق للعبة التكاذب والمنافقة. وعلى الرغم من وجود صفات أخلاقية وجمالية راقية في الشعر يحسن بنا أن نتعلمها، الا ان فيه صفات لها من الضرر ما يجعل الشعر احد مصادر الخلل النسقي في تكوين الذات، ولنتصور الصور الثقافية التالية: شخصية الشحاذ البليغ (الشاعر المادح)، شخصية المنافق المثقف (الشاعر المادح ايضا)، شخصية الطاغية (الأنا الفحولية في الشعر)، شخصية الشرير المرعب الذي عداوته بئس المقتنى (الشاعر الهجاء).

ومع ان الشعراء يقولون مالا يفعلون، فإن اللافاعلية هنا هي إحدى عيوب الخطاب، لأنها تسلب اللغة قيمتها وترفع عن الذات مسؤوليتها عما تقول.

والقيم الشعرية هي قيم في البغي والاستكبار والفخر بالأصل القبلي، وهذه هي الحال منذ عمرو بن كلثوم المتباهي بالظلم والتسلط، الى زهير بن أبي سلمى الحكيم الذي يقول إن من لا يظلم الناس يظلم. حينما يقول جرير:
أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد فجئني بمثل الدهر شيئا يطاوله
حينما يقول ذلك فانه يستند إلى رصيد ثقافي متجذر تقوم فيه الأنا مقاما جوهريا، والانا هنا هي الأنا النسقية الثقافية المغروسة في ذهن جرير. ولقد كانت البداية مع ما قاله الفرزدق:
فاني أنا الموت الذي هو ذاهب بنفسك فانظر كيف أنت محاوله
الأصل للأنا الفحولية هنا هي (النحن) القبلية النافية للآخر بالضرورة الوجودية، وهنا نذكر القصيدة الناسخة والمؤسسة لهذه الذات الشعرية بالعودة إلى معلقة عمرو بن كلثوم:
لنا الدنيا ومن أمسى عليها ونبطش حين نبطش قادرينا
بغاة ظالمين وما ظُــــلمنا ... ولكنـــا سنبــدأ ظـــالمـــــينا
إذا بلغ الفطام لنا رضيعا... تخر له الجــبابر ساجـدينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا... ويشرب غيرنا كدرا وطينا
ترانا بارزين وكل حي .... قد اتخذوا مخافتنا قرينـــــا
ألا لا يجلهن احد علينا... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

فالشعراء هم الناس، كما يقول احمد شوقي متكلما بصوت النسق، فهم الناس ومن عداهم ليسوا ناسا، حسب الدلالة الحصرية للجملة:
جذبت ثوبي العصي وقالت... انتم الناس ايها الشعراء

أما المتنبي فهو المترجم الأكبر للضمير النسقي والذي جعلناه شاعرنا الأول:
واني النجم تهتدي بي صحبتي.... إذا حال من دون النجوم سحاب

ويقول أيضا:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .... وأسمعت كلماتي من به صمم

ومنذ البدء كان المتنبي سليل النسق ففي مطلع حياته قال أبياته التي ظلت هي العلامة الفارقة له:
أي محل ارتقي... أي عظيم اتقي
وكل ما خلق الله ... ومــالم يخلق
محتقر في همتي... كشعرة في مفرقي

ويقتبس نزار قباني مع هذا القول كلمة كروتشه في مقدمة ديوانه: "على الناقد أن يقف أمام إبداعات الفن موقف المتعبد لا القاضي" . وهذا كلام يحمل مرجعية نسقية واضحة فأجداد نزار المؤسسون للنسق كانوا يتصرفون بطبقية صارمة ضد الرأي المخالف وينكرون على غير الشاعر الاعتراض على السيد الفحل.

صار الشاعر يؤمن بمركزيته وانه ضروري للكون ولولاه ولولا شعره لما سارت الحياة ولما أدرك الناس حقائق الحياة، وهذا ابن الرومي يقول:
وما المجد لولا الشعر إلا معاهد .... وما الناس إلا أعظم نخرات

ومثله أبو تمام الذي يقول:
ولولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الندى من أين تؤتى المكارم

الأب الأول:
مر بنا من قبل قول ابن المقفع أن الأوائل أكبر أجساما وأرجح عقولا، وبما أنهم كذلك بالضرورة النسقية أعلم وأحكم. وهذا تصور نسقي متجذر حتى لنجد المثل الشعبي يقول: أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة. وعرف أرسطو بالمعلم الأول وليس لمن يأتي بعده إلا أن يكون المعلم الثاني بعد أن تخصص الأقدم بالأفضلية المحسومة. وفي سلك سلم الطبقات تأتي القبيلة في موقع أسمى من المدينة، وشعراء البادية أرقى من شعراء القرى والمدن وترى عبارة (فلان ابن أصول) و (فلان لا أصل له) كنتيجة لهذا المفعول النسقي. وانك لتجد الديدن الاجتماعي تسمية الحفيد باسم جده والحفيدة باسم جدتها أملا أن يستفيد الخلف من مزايا السلف. يتعزز إذن مفهوم الأول باسم الأصل وبذلك يجري القياس عليه وهذا هو سبب العودة إلى النموذج الشعري الجاهلي مع مطلع العصر الأموي لأنه النمط الأبوي القبلي.

وكنتيجة لهذا التصور فان التربية الثقافية تعزز من فكرة الحفظ، من حيث أن ما لدى الأوائل ارقي من كل ما يمكن أن يفعله اللاحقون وهذا يتطلب جمع وتدوين وحفظ كل حكم الأوائل. وبهذا صارت ملكة الحفظ هي الأهم تربويا بما أنها هي الآله التي تحقق للنسق الاستمرار. حتى أن الجاحظ لم يجد بدا من أن ينسب مؤلفاته في أول أمره إلى أسماء من الأوائل لكي يسوقها.

وينتهي الأمر ثقافيا بأن المعنى في بطن الشاعر، وهي المقولة التي تتكرر بصيغ مختلفة معبرة عن وجود طبقة من العارفين والمحتكرين لحق المعرفة دون سواهم من البشر.

صناعية الطاغية:
عبر هذه العمليات التي ظلت تتولد وتتراكم غير مراقبة ولا منقودة جرى تخليق نوع من الأصنام البلاغية ذات السلوك المترسخ، من حيث تضخم الأنا ومنح الثقافة الشعرية مزايا وصفات متعالية وتنزيهها من النقد. وهذا أسهم إسهاما فعالا في صناعة شخصية الطاغية وصار بمثابة التبرير الأخلاقي لأي سلوك أناني متجبر لا يقيم اعتبارا للآخر وسيلته مع الخصم هي السحق والإلغاء.

إن ظهور الممدوح ظهر عبر ظهور ملك غساني أو مناذري اعتلى كرسي الحكم واكتسب وجاهة خاصة إذ لم يعد شيخ قبيلة، غير انه ما زال يؤمن بالقيم القبيلة كالشجاعة والكرم، إلا أن هذه الصفات توجد لدى غيره من فرسان العرب ومن هنا لابد من تمييزه عن هؤلاء لكي يكتسب أحقية لا يشاركه فيها الآخرون، وهو مستعد لشراء هذه الصفات ودفع المال من أجلها.

هناك علامة كاشفة تدل على مدى الخراب النسقي الذي أحدثه الشعر في سلوكيات الثقافة، وذلك في حادثة تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، حيث جاء الشعراء إلى ديوانه محملين بالمدائح غير أنهم رأوا العزوف من ذلك الخليفة الصالح عن تلك البضاعة المغشوشة.

إذا ما تمعنا في الموروث الأدبي نجد وبحسرة بالغة أن الثقافة العربية تمنح المنزلة الأعلى لأسوء أنواع الشعر من حيث القيمة الإنسانية، فالشعر الفحل هو شعر المديح والهجاء والفخر، ويستصغرون شعر الرثاء، حتى وصفوه بأنه شعر نسائي.

ومثالنا سيكون صدام حسين وهو الذي نشأ سياسيا ليكون فردا في حزب، إلى أن بدأت الأنا تتحول من أنا تدخل في حزب إلى أنا تشعر بأنها هي الحزب. وحينما ننظر في معجم صدام نلحظ التطابق مع النموذج الشعري النسقي، فهو لا ينتسب إلى العالم بمقدار ما ينتسب العالم إليه. فهو ليس عراقيا بقدر ما يكون العراق صداميا، فالجيش هم جنود صدام، ومعركتهم هي قادسية صدام، وحربه هي أم المعارك، ويوم ميلاده عيد ميلاد للعراق وإجازة رسمية. في ثقافته، كما هي ثقافة النسق، لا مكان للمعارضة ومخالفة الرأي والأخر دائما قيمة ملغية. وكذا تحول مفهوم المواطنة ليعني الوفاء للزعيم كذات سلطوية ولا علاقة لذلك بالوطن كقيمة إنسانية.

اختراع الصمت:
في الأصل كان الكلام والكلام للإنسان ليس تعبيرا نفعيا ولكن ضرورة فطرية. والكلام ليس مخترعا ثقافي بل الصمت هو المخترع الثقافي. فالكلام صفة غريزية في الإنسان وعجزه عنها علة تطرأ عليه إما لمرض أو لأسباب قمعية. هنا بدأت تنشأ الشروط على الكلام وصار من شروط الخطيب أو الشاعر أن يتكلم باسم قومه وحسب شروطهم. فالذي لا تفوضه الجماعة للحديث يجب عليه الصمت. ويسرد لنا الجاحظ قائمة بالصفات التي تطلقها الثقافة على من يصمت من باب تحبيب الصمت للناس، ومن ذلك تسمية الصامت حليما، والساكت لبيبا، والمطرق مفكرا.

إن الأدب النسقي يقتضي عدم مواجهة الفحل، ولزوم الصمت أمامه، حتى ولو أخطأ فان اخطأ الفحول صواب مجازي فان ما لا يجوز لغيرهم يجوز لهم، فهم أمراء الكلام تحصنهم الثقافة بكل وسائل الحماية. فالمأمون نكل بكل من لا يقولون بقضية الاعتزال، لا لشيء إلا لأنهم لا يقولون كما يقول السيد الرئيس. وهذا النموذج الذي سنته الأعراف الشعرية الأولى لو يعد معيبا أو مخجلا لان التجربة الشعرية ظلت تضخه فينا عبر أقنعة الجماليات. وتتضح العلاقة العضوية بين المثال الشعري والسلوك عبر التمثل بالشعر واستدعائه ليكون سندا في اتخاذ القرار. فالسفاح والمنصور والرشيد والمأمون كانوا يجدون في الشعر مصدرا للرؤية، وما من قرار يتخذ إلا وكان رديفه بيتا من الشعر.

رجعية الحداثة (عودة الفحل):
ظهر مشروع الشعر الحر (قصيدة التفعيلة) كمسعى لكسر عمود الفحولة وإحلال نسق بديل ينطوي قيم جديد تنتصر للمهمش والمؤنث والمهمل وتؤسس لخطاب إبداعي جديد له سمات منفتحة على عناصر الحرية والإنسانية. وان كان بدر شاكر السياب مع نازك الملائكة يمثلان مشروعين لكسر العمود والتأسيس لخطاب جديد، فان نزار قباني وادونيس يعيدان روح النسق الفحولي للشعر الحر بكل سماته وصفاته الفردية المطلقة والتسلطية ويحققان بذلك عودة رجعية إلى النسق الثقافي القديم المترسخ.
ولكي نتصور ذلك لنعد غالى نزار قباني في اول ديوان له حيث نقرأ في الصفحات الأولى للديوان قوله المنطوي على غلو صارخ وتفحيل مبكر:"ماذا نقول للشاعر، هذا الرجل الذي يحمل بين رئتيه قلب الله، ويضطرب على أصابعه الجحيم، وكيف يعتذر الإنسان الإله الذي تداعب أشواقه النجوم".
مثل هذه المقولات تتصدر مشروع نزار قباني الذي يجري وصفه في ثقافتنا على انه مشروع تحرري وتنويري، مع شي من العمى الثقافي في وعينا النقدي. فهاهو ينصب نفسه مانحا عبيده القراء والقارئات لجنات هي جناته ولنيران هي نيرانه، فيقول:
إني خيرتك فاختاري
مابين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار
ثم يتصاعد به الموقف إلى لحظة التوحد التام مع الذات عابدة / معبودة:
مارست ألف عبادة وعبادة... فوجدت أفضلها عبادة ذاتي

وكان نزار يدرك فداحة الموقف مما جعله يقول:
وذنوب شعري كلها مغفورة ... والله جل جلاله التواب


هذه الذنوب لا يغفرها نزار لنفسه فحسب، بل إن الثقافة ذاتها اتخذت لنفسها قاعدة متعالية بتجاوز أخطاء الفحول وغفرانها لهم. وهو- بحسب تعبيره- المتفرد الصانع الواهب فحل الفحول وشهريار العالم الذي لولاه لما صارت الأشياء ولولاه لانهار الكون:
إن كنت أرضى أن احبك
فاشكري المولى كثيرا
من حسن حظك
ويقول:
واشكريني مرة ثانية
كلما جاء ربيع أو شتاء
فبدوني لن تكوني قمرا
يسكب الفضة والثلج
على نار المساء

مشكلتنا أمام شعر كهذا أننا استسلما لقاعدة نقدية بلاغية تمنعنا من النظر في عيوب الشعر لانها تحرم علينا مسائلة الشاعر عن أفكاره وتحدد لنا مجال الرؤية في ما هو جميل وبلاغي. والرخصة الوحيدة هي في النظر الى العيوب الشكلية في الأوزان والقوافي. هذا ما تدربنا عليه ثقافيا مما يمثل مؤامرة جماعية ضد العقل والذوق تقبلناها وخضعنا لها.

هل لنا أن نفترض السؤال التالي: ماذا لو أن الجمهور العربي انصرف عن شعر نزار أثناء حياته وقاطع أمسياته. إن الجمهور الراضي والمصفق يربي سيده على مزيد من الغلو والغرور. والعلة ليست في نزار بذاته، فهو ناتج نسقي للثقافة.

ولد الفتى علي احمد سعيد ولادة طبيعية وعاش حياة شعبية لم يعرف فيها مدرسة ولا كتابا، إلى أن تعرف إلى الأبجدية في العشرين من عمره تحول إلى (ادونيس)، وهو اسم يحمل مضامينه الوثنية التفردية والمتعالية. وما إن تشرع في قراءة نصوصه تصدمك الأنا الأدونيسة المسرفة بالتعالي الأسطوري. فهي ترى أنها: "أنا العلم مكتوبا، أنا المعنى، أنا الموت، أنا سماء، أنا النور، أنا الأشكال كلها، أنا الداعية والحجة". وتبلغ الذات حدا من الثقة المطلقة فتسأل: "أيتها الشمس ماذا تريدين مني؟"
فما كان مشروع ادونيس إلا مشروعا في تغيير المجاز فحسب وليس الحقيقة، فقد ظلت الحقيقة الشعرية عنده كما هي نسقا لم تتغير.

إن الخلل الثقافي في النقد والاستقبال الأدبي هو في عدم التمييز بين الجمالي المجازي من جهة وبين العلامات النسقية الثقافية من جهة أخرى، وتكتفي الممارسة الأدبية بالتذوق الجمالي متعامية عن عيوب الخطاب ومشاكله النسقية.



الغذامي، المركز الثقافي العربي: بيروت، 200.

Islam and the West A Conversation with Jacque Derrida (A Book Review)

The title of Mustapha Cherif’s Islam and the West: A Conversation with Jacque Derrida caught my attention especially with the name of Derrida the deconstructionist on the cover page. The book is published in 2008 and translated from French to English by Teresa Fagan. The title, however, does not resonate with its content which appears to be more political with a subtle hint of philosophy.

“Ignorance is the primary cause of hatred,” Jack Derrida states in his interviews with Cherif in Spring 2003, a recurrent idea in most of modern philosophers’ discussions. The conversation opens with Derrida’s wish to be remembered as an Algerian expressing his deepest feelings about Algeria prior to his death and wanting the reader to believe that, even as a master of deconstruction, he had a dream of an Algeria in which French and Algerians could live together in harmony. “Nostalgerie” was a term he developed to describe his affections to Algeria. Growing up as a Franco-Algerian Judo-Arab Jew, Derrida admits that the cultural heritage he received there inspired his philosophical orientation. He was deprived of the chance of learning Arabic language or history because it was a ban in schools in Algeria at that time.

He stresses the clash between the Northern and the Southern shores. Considering himself part of the southern shore, Derrida assumes that it is shocking to see the dominant rationalist atheist discourse in the North makes inappropriate criticisms of Islam. A certain West orders others to line up along with their dehumanizing model, which in his opinion is an “unbalanced restrictive model.” The universality of democracy, he assumes, can not be achieved by imposing it with violence, but with an open dialogue of equal partners without one having un upper hand. The major problem of the West according to him is that westerners are led to believe that belief in general is an obstruction to modernity, and only secularism and scientism can replace faith with emancipation. However, all the concepts of modernity and civilization are created according to western standards, with an utter “refusal of dialogue and negotiation.” “ The law of the UN, the Security Council, are founded on Western concepts” he says, “and I have a tendency to challenge that. I’m thinking of Aznar, Berlysconi, Blair, have attempted to drag all of Europe behind the United States.” Derrida ironically questions how westerners now confuse Islam with terrorism, when only a few decades ago no one confused the Colonial State with Christianity. The current international system led only to more poverty and fake democracy:

The Third World has become a Fourth World, and poverty there has become extreme poverty. For a third to a quarter, it is almost a Zero World, a sort of ‘absence of world’ people that we have before our eyes. The gap between rich and poor countries sometimes reaches a difference of one to ten, which makes them often incomparable… In the North, we witness the creation of wealth and policies followed by societies of unlimited consumption without any control over their needs. In the South, we experience the impoverishment of many populations deprived of the conditions of even a decent life… this leads to harmful imbalances, to inequalities and fractures, and reinforces the law of the strongest, while at the same time we hear of globalization, human rights and democracy.

The western awareness of its superiority over the underdeveloped eastern world is party due to the western supremacy in technology that has widened the gap between the two worlds. Derrida thinks it is unfair to contrast cultures because it eventually leads to “questionable political divisions through violence.” The international law should be universal and not a monopoly of one part of the world. Both parts, East and West, should take parts in discovering a common universal law:
The will of domination and the egotism of certain Westerners, fed by technological supremacy, the imperatives of the market, and the retreat of interknowledge, make our burdens the following: the deformation of our values, the politics of doubles standards; the refusal and hesitations of the Northern shores to engage in a true dialogue, to imagine true negotiations, and finally, the insufficiency of aid to the South.

After spotting some aspects of the problem, Derrida suggested in what in his opinion could be the possible solutions. Starting a dialogue, regardless of who takes the initiative, should be the first step. Yet, this dialogue has to be conducted under certain conditions in which no constrains or use of force are practiced. A dialogue can be reestablished when each party tries to understand the other within its own religious and cultural background. “I cant not address the other, whoever he or she might be, regardless of his or her religion, language, culture, without asking that other to believe me and to trust me. One’s relationship to the other, addressing the other, presupposes faith, ” Derrida states.

The key argument of the book is the necessity of accepting the plurality in Islam as well as in the West, and accepting the idea of plurality and not unity as the source of advancement and harmony. His deconstructional point is clear in this part: he attempts “to deconstruct the European intellectual construct of Islam” and emphasizes that civilization and community are not about sameness but difference.

Derrida did not say much about Islam in this conversation as he was trying to objectively state a philosophy of any kind of clash between civilizations of the past, the present, or the future. However, he viewed Islam and Muslims without external prejudice. He thinks that West and East are now living in a state of intolerance of their differences, or at least in an absence of dialogue. The propaganda of the clash of civilizations and the ambition of the primary world power creates a situation of disorder and hatred towards Islam. He expresses his sadness that today, extremists from both sides have more influence than men and women of peace. “The majority of Muslims live their faith peacefully; they refuse the howling of the wolves who call for intolerance… We all are, believers and nonbelievers, caught up in the same movement of the world.” Muslims of today are attempting to resists against injustice and “de-signification” of the world. To some, this resistance is an intolerable dissent.

The book was a short strip and pleasant to read. It is always good to read some positive thoughts when the world is full of contradictions and negativity. As human beings, there is always a chance for us, no matter how vast the gap between us is, to eventually think alike and to come to the same conclusions. After all, and I am quoting Derrida here, “one can not happen without the other.”