Friday, January 15, 2010

خديعة التطور: الانهيار العلمي للدارونية وخلفياتها العقائدية لهارون يحي

فيما يلي ملخص لبعض اهم ما ورد في كتاب هارون يحى خديعة التطور، كتاب من القطع المتوسط تناول فيه الكاتب أهم الادلة والبراهين العلمية التي تدحض نظرية التطور المادية لداروين. الكتاب من ترجمة سليمان بايبارا عام 2002 وصادر عن مؤسسة الاجيال للترجمة والثقافة والنشر. الكتاب غني بالصور التوضيحية والبراهين العلمية والمنطقية والتي تثبت مدى سخافة النظرية وافتقارها إلى ابسط الاسس العلمية في البحث والمنطق.





قد يظن بعض الناس اللذين سمعوا عن نظرية التطور أو نظرية النشوء والارتقاء المعروفة بالداروينية ان هذه المفاهيم تخص ميدان البيولوجيا وحده، وهذا اعتقاد ينطوي قدر كبير من الخطأ. ان هذه النظرية تشكل ما نسميه الاساس العلمي للمادية الذي يعتمد عليها المذهب الشيوعيي. ولهذا كتب كارل ماركس، مؤسس الشيوعية، عن كتاب دارون "أصل الانواع": "هذا هو الكتاب الذي يحتوي على الاسس الناريحية والطبيعية لافكارنا"

التعصب الاعمى للمادية العمياء

ان الاعتقاد الذي تحدثنا عنه هو الفلسفة المادية التي ترى ان المادة موجودة منذ الازل ولا تقبل وجود شي الا المادة ولا شي غيرها. ونظرية التطور هي الاساس العلمي لهذه الفلسفة المادية ولذلك فهم يدافعون عنها دفاعا اعمى لتدعيم هذه الفلسفة. يقول احد علماء الاحياء : "ان احتمال تكوين سلسلة واحدة من سيتوكروم سي بالصدفة قليل جدا يكاد يكون صفرا، ولكن قبول الاحتمال الاخر لا يناسب الاهداف العملية، اذن علينا فحص الاحتمال الاول وتمحيصه والاقتصار عليه." ومن افضل الامثلة على ذلك ايضا عالم التطور الشهير ريتشارد داوكينز الذي يطلب من الناس ألا يتسرعوا بالاستنتاج بأنهم قد شاهدوا معجزة حتى لو شاهدوا تمثالا يلوح لهم بيده. فحسب رأيه: "ربما تصادف ان كل الذرات في ذراع التمثال قد تحركت في نفس الاتجاه بنفس الوقت، انه احتمال ضعيف جدا ولكنه ممكن"

ولقد وصف القرآن الكريم هذه النفسية المنكره في قوله تعالى: "ولو أننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شي قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ولكن اكثرهم يجهلون"

نبذة تاريخية عن نظرية التطور

ان من قدم هذه النظرية هو عالم طبيعيات انجليزي هاو يدعى تشارلز روبرت داروين. لم يتلق داروين أي تعليم رسمي في علم الاحياء ولكنه اهتم بموضوع الطبيعة والكائنات الحية اهتمام الهواة. حفزه هذا الاهتمام للابحار على سفينة انجليزية استكشافية، وانبهر انبهارا شديدا بمختلف انواع الاحياء، وخاصة بنوع معين من العصافير (الحساسين) التي شاهدها واعتقد ان التنوع في مناقير العصافير يعزى إلى تكيفها مع موطنها. وبوجود هذه الفكرة في عقله افترض ان اصل الحياة والانواع يكمن في فكرة التكيف مع البيئة. ووفقا لداروين، فان الله لم يخلق مختلف انواع الاحياء بشكل منفصل با انها انحدرت من سلف مشترك واختلفت عن بعضها نتيجة للظروف الطبيعية.

ولكن داروين كان يدرك جيدا ان نظريته تعاني من مشكلات كثيرة، وقد اعترف بهذه المشكلات في كتابه في فصل "صعوبات النظرية" ويأتي على رأس هذ الصعوبات سجل الحفريات. وكان داروين يأمل في التغلب على هذه الصعوبات من خلال الاكتشافات الحديثة.

قد انبهر داروين بنظرية العالم الفرنسي لامارك التي تقول ان الزرافات، على سبيل المثال، تطورت من حيوانات شبيهة بالبقر الوحشي عن طريق اطالة اعناقها شيئا فشيئا من جيل إلى جيل عندما كانت تحاول الوصول إلى الاغضان الاعلى فالاعلى لاكل اوراقها، ومن هذا استخدم داروين نظرية "توريث الصفات المكتسبة" التي اقترحها لامارك بوصفها العامل الذي جعل الاحياء تتطور.

كان داروين يرى الاوروبيين البيض اكثر تقدما من الاجناس الاخرى، وخمن ان بعض الاجناس تطورت اكثر من البعض، وان النوع الاخير ما زال يحمل ملامح القردة. وفي كتابه "سلالة الانسان" علق بجرأة على الفروق العظمى بين البشر من الاجناس المتباينة. في هذا الكتاب ساوى داروين بين السود وسكان استراليا الاصليين وبين الغوريلا، ثم استنتج ان هؤلاء سيتم القضاء عليهم بواسطة الاجناس المتحضرة مع مرور الوقت.



المحاولات اليائسة للدارونية الجديدة

بينما كانت اصداء كتاب داروين مدوية، اكتشف عالم نبات نمساوي اسمه غريغور مندل قوانين الوراثة سنة 1865 م، وفي فترة لاحقة ادى اكتشاف تركيب جزئ ال DNA إلى ايقاع نظرية التطور في ازمة كبيرة، ويرجع ذلك إلى التعقيد المدهش للحياة وبطلان آليات التطور التي اقترحها داروين.

دخلت الداروينية في ازمة كبيرة بسبب اكتشاف قوانين الوراثة في الربع الاول من القرن العشرين. كما ان مزاعم نظرية الدارونين الجدد يدحضها سجل الحفريات تماما لان الحفريات اثبتت ان الكائنات لم تنشأ بالتطور التدريجي بل ظهرت فجأة بالكامل. وعاش الدارونيون الجدد على امل بان الاشكال الانتقالية المفقودة ستكشف يوما ما.

ولهذا نظمت الجمعية الجيولوجية الامريكية اتفاقا سنة 1941 للتوصل إلى اتفاق حول الطرق المناسبة لترقيع الداروينية. ان معظم العلماء الذين يؤمنون بالتطور يقبلون نظرية الدارونيين المتتعلقة بالتطور البطيء التدريجي. ولكن خلال العقود الاخيرة تم اقتراح نموذج يعرف بالتطور الممتقطع، ويرى هذا النموذج ان التطور قد تم بقفزات كبيرة ومتفرقة.

زعم عالم الحفريات الاوروربي شايندولف ان اول طائر خرج من بيضة احدى الزواحف كطفرة هائلة، أي نتيجة مصادفة ضخمة حدثت في التركيب الجيني. وحسب النظرية ذاتها، كان من الممكن ان تتحول الحيوانات البرية إلى حيتان ضخمة اذا تعرضت لتحول فجائي شامل. وتحتل هذه الادعاءات المخالفة تماما لجميع قوانين الوراثة والفيزياء الحيوية والكيمياء الحيوية نفس المكانة العلمية التي تحتلها قصص الخيال التي تدور حول تحول الضفادع إلى امراء.

آليات متخيلة للتطور

يحاول نموذج الدارونية الجديدة ان يبرهن ان الحياة قد تطورت من خلال آليتين طبيعيتن هما: الانتقاء الطبيعي والطفرة.

اولا: الانتقاء الطبيعيي

في سنة 1986 نشر دوغلاس فوتويما كتابا بعنوان بيولوجيا التطور، ساق فيه مثال يدور حول لون نوع من الفراشات التي بد انها تكتسب لونا غامقا خلال الثورة الصناعية بانكلترا. فعندما تغير لون جذوع الاشجار إلى لون اغمق كان يسهل اصدياد الفراشات الفاتحة والتي بعد خمسين عاما اصبح لونها اغمق ومقاربا للون الجذوع بحيث يصعب اصديادها.

وما يدحض هذا الادعاء هو ان الفراشات الغامقة والفاتحة كلاهما كان موجودا قبل وبعد الثورة الصناعية، وما تغير فقط هو الاعداد النسبية لهذه الفراشات بسبب سهولة اصدياد احدها دون الاخر نسبة للون جذوع الاشجار. وخلاصة ما سبق: لو افترضنا جدلا امكانية حدوث الاصطباغ الصناعي فانه لا يملك للانتقاء الطبيعي القدرة على اضافة عضو جديد إلى كائن حي أو تغيير نوع كائن إلى نوع اخر.

ثانيا: الطفرات

تعرف الطفرات على انها قطع أو استبدال يحدث في جزيء الDNA الموجود في نواة الخلية والذي يحمل كل المعلومات الوراثية، ويعد هذا القطع أو الاستبدال نتيجة لتأثيرات خارجية أو تفاعلات كيمائية. ولكننا لا يمكن ان ننظر للطفرة التي يختبئ وراءها دعاة التطور على انها عصا سحرية تغير الكائنات الحية إلى شكل اكثر جمالا، ذلك لان التأثير المباشر للطفرات ضار. كما ان الطفرات عادة ما تكون صغيرة وعشوائية وضارة. فبعد كل التجارب العلمية والابحاث المتعلقة بالطفرات لم تظهر أي طفرة مفيدة حتى الان، فقد اثبتتت كل الطفرات انها ضارة. كما ان الطفرات لا تضيف أي معلومات جديدة إلى جزي ال DNA ، كما ان التأثير المباشر للطفرات يحدث للكائن الحي الذي تعرض لها. ولكي تنتقل الطفرة إلى الجيل اللاحق لا بد ان تكون قد حدثت في الخلايا التناسلية للكائن الحي، لان أي تغيير عشوائي يحدث عرضا في خلية أو عضو الجسم لا يمكن انتقاله إلى الجيل التالي.

سجل الحفريات يدحض نظرية التطور

وفقا لنظرية التطور فان كل نوع حي قد نشأ من سلف، ومع مرور الوقت تحول النوع الموجود اصلا إلى نوع اخر، وان هذا التحول يتتابع تدريجيا خلال ملايين السنين.

ولكن، اذا كانت مثل هذه الحيوانات قد عاشت بالفعل، فيفترض ان توجد منها بالملايين، بل بالبلايين، من حيث العدد والنوع. واهم من ذلك، يفترض ان تكون بقايا هذه الحيوانات الغريبة موجودة في سجل الحفريات. وتمثل التفسير الوحيد الذي استطاع دارون ان يقدمه لمواجهة هذا الاعتراض بان سجل الحفريات الذي اكتشف حتى ذلك الوقت لم يكن كافيا، واكد ان دراسة سجل الحفريات بالتفصيل سيتم من خلاله اكتشاف الحلقات المفقودة.

ولكن سجل الحفريات حتى يومنا هذا يبرهن ان الاشكال الانتقالية لم تكن موجودة قط، وان التطور لم يحدث، وان جميع الانواع قد خلقت على حده في شكل كامل. عند دراسة طبقات الارض، اتضح ان كل الكائنات الحية قد ظهرت فجأة في وقت واحد. وتعتبر اقدم طبقة من طبقات الارض اكتشفت فيها حفريات لكائنات حية هي تلك التي تكونت قبل 500 مليون سنة. وتتسم اشكال الحياة المكتشفة في هذ الطبقة بنظم معقدة التركيب مثل العين والخياشيم واجهزة الدورة الدموية والتركيبات الفيسولوجية المتقدمة التي لا تختلف عن نظيراتها الحديثة.

التأويلات الخادعة للحفريات

يجدر بنا هنا التذكير بالاسلوب الدعائي الذي اقنع العامة بفكرة ان كائنات نصفها قرد ونصفها انسان قد عاشت في الماضي. ويعمد هذا الاسلوب الدعائي إلى استخدام اعادة البناء فيما ينسبه للحفريات. ويمكن ان نشرح اعادة البناء على انها رسم صورة لكائن حي أو بناء نموذج له استنادا على عظمة واحدة (وفي بعض الاحيان إلى جزء من العظمة). وفي الواقع، يقوم دعاة التطور بتجهيز الرسوم والنماذج استنادا إلى بقايا حفريات باستخدام التخمين وذلك فقط من اجل اثبات النظرية.

وفي هذا الصدد يجب ان نلقى الضوء على ان اعادة البناء القائمة على بقايا العظام لا يمكن ان تكشف سوى الصفات العامة للجسم، لان التفاصيل المميزة تتمثل في الانسجة اللينة التي تختفي مع مرور الوقت. ان محاولة ترميم هذه الانسجة مهمة اخطر. ذلك ان الشفاه والعيون والآذان لا تترك اثارا على الاجزاء العظمية التي تكسوها، ويمكن ان تتشكل بنفس السهولة من جمجمة شبيهه بنموذج الشامبانزي.

تزييفات التطور

في سنة 1912 اكد طبيب معروف وعالم حفريات هاو تشارلز داوسون عثوره على عظمة فك وجزء من جمجمة داخل حفره بلتداون بانكلترا. وعلى ان عظمة الفك كانت اشبة بعظمة فك قرد الا أن الاسنان والجمجمة كانت اشبه باسنان وجمجمة الانسان.

وفي سنة 1949 حاول كينيث اوكلي من قسم الحفريات في المتحقف البريطاني ان يجرب طريقة اختبار الفلورين وهي عبارة عن اختبار جديد يستخدم لتحديد تاريخ الحفريات القديمة. وكانت النتيجة مذهلة، فقد اتضح ان عظمة الفك بلتدواون لا تحتوي على أي فلورين، ويدل هذا على انها لم تظل مدفونة في الارض لاكثر من بضع سنين، اما الجمجمة فقد احتوت على مقدار ضئيل من الفلورين أي ان عمرها لا يتجاوز الاف السنين. وفي تحليل مفصل اجري عام 1953، اثبت العالم ونر ان الجمجمة تخص انسانا عمره حوالي 500 سنة، وان الفك كان لقرد مات مؤخرا.

أوتا بينغا: الافريقي المحبوس في قفص

اعتقد بعض دعاة التطور ان الكائنات المكونة من نصف انسان ونصف قرد لن توجد في سجل الحفريات فحسب بل ستوجد على قيد الحياة ايضا في مناطق مختلفة من العالم. فقد قام احد الباحثين باصطياد اوتا بينغا الرجل الافريقي القزم من الكونغو في عام 1904 وكان هذا الرجل متزوجا ولديه طفلان، وبعد ان قيد بالسلاسل ووضع في قفص كالحيوان، نقل إلى الولايات المتحدة وقدموه بوصفه "اقرب حلقة انتقالية للانسان." وبعد عامين نقلوه إلى حديقة حيوان برونكس في نيويورك وعرضوه تحت مسمى "السلف القديم للانسان" مع بعض افراد الشمبانزي والغوريلا. ونظرا لعدم قدرته على تحمل هذه المعاملة فقد انتحر اوتا بينغا في النهاية. وهنا يتين ان علماء التطور لا يتورعون عن استخدام أي نوع من الوسائل في سبيل اثبات نظريتهم.

No comments: