Saturday, October 17, 2009

مختصر كتاب النقد الثقافي: قراءة قي الأنساق الثقافية العربية لعبدالله الغذامي

لقد أدى النقد الأدبي دورا مهما في الوقوف على جماليات النصوص وفي تدريبنا على التذوق الجميل النصوصي ولكنه أوقعنا في حالة من العمى الثقافي التام عن العيوب النسقية من تحت عباءة الجمال الشعري والبلاغي حتى صارت نموذجا يتحكم فينا ذهنيا وعمليا. وبما أن النقد الأدبي غي مؤهل للكشف عن هذا الخلل فان الدعوة هي بإحلال النقد الثقافي مكانه. وتحويل المهمة من نقد النصوص إلى نقد الأنساق. فالنسق الثقافي يتحرك في حبكة متقنه وهو خفي ومضمر ويستخدم أقنعة كثيرة وأهمها قناع الجمال اللغوي. وتحت قناع البلاغة وجماليتها تمر الأنساق آمنه مطمئنة من تحت هذه المظلة الوارفة.

النسق الناسخ: (اختراع الفحل)
في الشعر العربي جمال وأي جمال ولكنه ينطوي على عيوب نسقية خطيرة، نزعم أنها كانت السبب وراء عيوب الشخصية العربية ذاتها، فشخصية الشحاذ والكذاب والمنافق والطماع من جهة، وشخصية الفرد المتوحد فحل الفحول ذي الأنا المتضخمة النافية للأخر من جهة أخرى هي من السمات المترسخة في الخطاب الشعري العربي. هل المتنبي مبدع عظيم أم شحاذ عظيم؟ أم الاثنان معا؟ وهل في ثقافتنا علة أو علل نسقية تجعلها خطابا منافقا ومزيفا، غير واقعي وغير عقلاني؟

لا ريب أن الاختراع الشعري الأخطر في لعبة المادح والممدوح قد جلب منظومة من القيم النسقية التي تقوم أول ما تقوم على الكذب، مع قبول الأطراف كلها من مادح وممدوح والوسط المزامن والملاحق للعبة التكاذب والمنافقة. وعلى الرغم من وجود صفات أخلاقية وجمالية راقية في الشعر يحسن بنا أن نتعلمها، الا ان فيه صفات لها من الضرر ما يجعل الشعر احد مصادر الخلل النسقي في تكوين الذات، ولنتصور الصور الثقافية التالية: شخصية الشحاذ البليغ (الشاعر المادح)، شخصية المنافق المثقف (الشاعر المادح ايضا)، شخصية الطاغية (الأنا الفحولية في الشعر)، شخصية الشرير المرعب الذي عداوته بئس المقتنى (الشاعر الهجاء).

ومع ان الشعراء يقولون مالا يفعلون، فإن اللافاعلية هنا هي إحدى عيوب الخطاب، لأنها تسلب اللغة قيمتها وترفع عن الذات مسؤوليتها عما تقول.

والقيم الشعرية هي قيم في البغي والاستكبار والفخر بالأصل القبلي، وهذه هي الحال منذ عمرو بن كلثوم المتباهي بالظلم والتسلط، الى زهير بن أبي سلمى الحكيم الذي يقول إن من لا يظلم الناس يظلم. حينما يقول جرير:
أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد فجئني بمثل الدهر شيئا يطاوله
حينما يقول ذلك فانه يستند إلى رصيد ثقافي متجذر تقوم فيه الأنا مقاما جوهريا، والانا هنا هي الأنا النسقية الثقافية المغروسة في ذهن جرير. ولقد كانت البداية مع ما قاله الفرزدق:
فاني أنا الموت الذي هو ذاهب بنفسك فانظر كيف أنت محاوله
الأصل للأنا الفحولية هنا هي (النحن) القبلية النافية للآخر بالضرورة الوجودية، وهنا نذكر القصيدة الناسخة والمؤسسة لهذه الذات الشعرية بالعودة إلى معلقة عمرو بن كلثوم:
لنا الدنيا ومن أمسى عليها ونبطش حين نبطش قادرينا
بغاة ظالمين وما ظُــــلمنا ... ولكنـــا سنبــدأ ظـــالمـــــينا
إذا بلغ الفطام لنا رضيعا... تخر له الجــبابر ساجـدينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا... ويشرب غيرنا كدرا وطينا
ترانا بارزين وكل حي .... قد اتخذوا مخافتنا قرينـــــا
ألا لا يجلهن احد علينا... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

فالشعراء هم الناس، كما يقول احمد شوقي متكلما بصوت النسق، فهم الناس ومن عداهم ليسوا ناسا، حسب الدلالة الحصرية للجملة:
جذبت ثوبي العصي وقالت... انتم الناس ايها الشعراء

أما المتنبي فهو المترجم الأكبر للضمير النسقي والذي جعلناه شاعرنا الأول:
واني النجم تهتدي بي صحبتي.... إذا حال من دون النجوم سحاب

ويقول أيضا:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .... وأسمعت كلماتي من به صمم

ومنذ البدء كان المتنبي سليل النسق ففي مطلع حياته قال أبياته التي ظلت هي العلامة الفارقة له:
أي محل ارتقي... أي عظيم اتقي
وكل ما خلق الله ... ومــالم يخلق
محتقر في همتي... كشعرة في مفرقي

ويقتبس نزار قباني مع هذا القول كلمة كروتشه في مقدمة ديوانه: "على الناقد أن يقف أمام إبداعات الفن موقف المتعبد لا القاضي" . وهذا كلام يحمل مرجعية نسقية واضحة فأجداد نزار المؤسسون للنسق كانوا يتصرفون بطبقية صارمة ضد الرأي المخالف وينكرون على غير الشاعر الاعتراض على السيد الفحل.

صار الشاعر يؤمن بمركزيته وانه ضروري للكون ولولاه ولولا شعره لما سارت الحياة ولما أدرك الناس حقائق الحياة، وهذا ابن الرومي يقول:
وما المجد لولا الشعر إلا معاهد .... وما الناس إلا أعظم نخرات

ومثله أبو تمام الذي يقول:
ولولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الندى من أين تؤتى المكارم

الأب الأول:
مر بنا من قبل قول ابن المقفع أن الأوائل أكبر أجساما وأرجح عقولا، وبما أنهم كذلك بالضرورة النسقية أعلم وأحكم. وهذا تصور نسقي متجذر حتى لنجد المثل الشعبي يقول: أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة. وعرف أرسطو بالمعلم الأول وليس لمن يأتي بعده إلا أن يكون المعلم الثاني بعد أن تخصص الأقدم بالأفضلية المحسومة. وفي سلك سلم الطبقات تأتي القبيلة في موقع أسمى من المدينة، وشعراء البادية أرقى من شعراء القرى والمدن وترى عبارة (فلان ابن أصول) و (فلان لا أصل له) كنتيجة لهذا المفعول النسقي. وانك لتجد الديدن الاجتماعي تسمية الحفيد باسم جده والحفيدة باسم جدتها أملا أن يستفيد الخلف من مزايا السلف. يتعزز إذن مفهوم الأول باسم الأصل وبذلك يجري القياس عليه وهذا هو سبب العودة إلى النموذج الشعري الجاهلي مع مطلع العصر الأموي لأنه النمط الأبوي القبلي.

وكنتيجة لهذا التصور فان التربية الثقافية تعزز من فكرة الحفظ، من حيث أن ما لدى الأوائل ارقي من كل ما يمكن أن يفعله اللاحقون وهذا يتطلب جمع وتدوين وحفظ كل حكم الأوائل. وبهذا صارت ملكة الحفظ هي الأهم تربويا بما أنها هي الآله التي تحقق للنسق الاستمرار. حتى أن الجاحظ لم يجد بدا من أن ينسب مؤلفاته في أول أمره إلى أسماء من الأوائل لكي يسوقها.

وينتهي الأمر ثقافيا بأن المعنى في بطن الشاعر، وهي المقولة التي تتكرر بصيغ مختلفة معبرة عن وجود طبقة من العارفين والمحتكرين لحق المعرفة دون سواهم من البشر.

صناعية الطاغية:
عبر هذه العمليات التي ظلت تتولد وتتراكم غير مراقبة ولا منقودة جرى تخليق نوع من الأصنام البلاغية ذات السلوك المترسخ، من حيث تضخم الأنا ومنح الثقافة الشعرية مزايا وصفات متعالية وتنزيهها من النقد. وهذا أسهم إسهاما فعالا في صناعة شخصية الطاغية وصار بمثابة التبرير الأخلاقي لأي سلوك أناني متجبر لا يقيم اعتبارا للآخر وسيلته مع الخصم هي السحق والإلغاء.

إن ظهور الممدوح ظهر عبر ظهور ملك غساني أو مناذري اعتلى كرسي الحكم واكتسب وجاهة خاصة إذ لم يعد شيخ قبيلة، غير انه ما زال يؤمن بالقيم القبيلة كالشجاعة والكرم، إلا أن هذه الصفات توجد لدى غيره من فرسان العرب ومن هنا لابد من تمييزه عن هؤلاء لكي يكتسب أحقية لا يشاركه فيها الآخرون، وهو مستعد لشراء هذه الصفات ودفع المال من أجلها.

هناك علامة كاشفة تدل على مدى الخراب النسقي الذي أحدثه الشعر في سلوكيات الثقافة، وذلك في حادثة تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، حيث جاء الشعراء إلى ديوانه محملين بالمدائح غير أنهم رأوا العزوف من ذلك الخليفة الصالح عن تلك البضاعة المغشوشة.

إذا ما تمعنا في الموروث الأدبي نجد وبحسرة بالغة أن الثقافة العربية تمنح المنزلة الأعلى لأسوء أنواع الشعر من حيث القيمة الإنسانية، فالشعر الفحل هو شعر المديح والهجاء والفخر، ويستصغرون شعر الرثاء، حتى وصفوه بأنه شعر نسائي.

ومثالنا سيكون صدام حسين وهو الذي نشأ سياسيا ليكون فردا في حزب، إلى أن بدأت الأنا تتحول من أنا تدخل في حزب إلى أنا تشعر بأنها هي الحزب. وحينما ننظر في معجم صدام نلحظ التطابق مع النموذج الشعري النسقي، فهو لا ينتسب إلى العالم بمقدار ما ينتسب العالم إليه. فهو ليس عراقيا بقدر ما يكون العراق صداميا، فالجيش هم جنود صدام، ومعركتهم هي قادسية صدام، وحربه هي أم المعارك، ويوم ميلاده عيد ميلاد للعراق وإجازة رسمية. في ثقافته، كما هي ثقافة النسق، لا مكان للمعارضة ومخالفة الرأي والأخر دائما قيمة ملغية. وكذا تحول مفهوم المواطنة ليعني الوفاء للزعيم كذات سلطوية ولا علاقة لذلك بالوطن كقيمة إنسانية.

اختراع الصمت:
في الأصل كان الكلام والكلام للإنسان ليس تعبيرا نفعيا ولكن ضرورة فطرية. والكلام ليس مخترعا ثقافي بل الصمت هو المخترع الثقافي. فالكلام صفة غريزية في الإنسان وعجزه عنها علة تطرأ عليه إما لمرض أو لأسباب قمعية. هنا بدأت تنشأ الشروط على الكلام وصار من شروط الخطيب أو الشاعر أن يتكلم باسم قومه وحسب شروطهم. فالذي لا تفوضه الجماعة للحديث يجب عليه الصمت. ويسرد لنا الجاحظ قائمة بالصفات التي تطلقها الثقافة على من يصمت من باب تحبيب الصمت للناس، ومن ذلك تسمية الصامت حليما، والساكت لبيبا، والمطرق مفكرا.

إن الأدب النسقي يقتضي عدم مواجهة الفحل، ولزوم الصمت أمامه، حتى ولو أخطأ فان اخطأ الفحول صواب مجازي فان ما لا يجوز لغيرهم يجوز لهم، فهم أمراء الكلام تحصنهم الثقافة بكل وسائل الحماية. فالمأمون نكل بكل من لا يقولون بقضية الاعتزال، لا لشيء إلا لأنهم لا يقولون كما يقول السيد الرئيس. وهذا النموذج الذي سنته الأعراف الشعرية الأولى لو يعد معيبا أو مخجلا لان التجربة الشعرية ظلت تضخه فينا عبر أقنعة الجماليات. وتتضح العلاقة العضوية بين المثال الشعري والسلوك عبر التمثل بالشعر واستدعائه ليكون سندا في اتخاذ القرار. فالسفاح والمنصور والرشيد والمأمون كانوا يجدون في الشعر مصدرا للرؤية، وما من قرار يتخذ إلا وكان رديفه بيتا من الشعر.

رجعية الحداثة (عودة الفحل):
ظهر مشروع الشعر الحر (قصيدة التفعيلة) كمسعى لكسر عمود الفحولة وإحلال نسق بديل ينطوي قيم جديد تنتصر للمهمش والمؤنث والمهمل وتؤسس لخطاب إبداعي جديد له سمات منفتحة على عناصر الحرية والإنسانية. وان كان بدر شاكر السياب مع نازك الملائكة يمثلان مشروعين لكسر العمود والتأسيس لخطاب جديد، فان نزار قباني وادونيس يعيدان روح النسق الفحولي للشعر الحر بكل سماته وصفاته الفردية المطلقة والتسلطية ويحققان بذلك عودة رجعية إلى النسق الثقافي القديم المترسخ.
ولكي نتصور ذلك لنعد غالى نزار قباني في اول ديوان له حيث نقرأ في الصفحات الأولى للديوان قوله المنطوي على غلو صارخ وتفحيل مبكر:"ماذا نقول للشاعر، هذا الرجل الذي يحمل بين رئتيه قلب الله، ويضطرب على أصابعه الجحيم، وكيف يعتذر الإنسان الإله الذي تداعب أشواقه النجوم".
مثل هذه المقولات تتصدر مشروع نزار قباني الذي يجري وصفه في ثقافتنا على انه مشروع تحرري وتنويري، مع شي من العمى الثقافي في وعينا النقدي. فهاهو ينصب نفسه مانحا عبيده القراء والقارئات لجنات هي جناته ولنيران هي نيرانه، فيقول:
إني خيرتك فاختاري
مابين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار
ثم يتصاعد به الموقف إلى لحظة التوحد التام مع الذات عابدة / معبودة:
مارست ألف عبادة وعبادة... فوجدت أفضلها عبادة ذاتي

وكان نزار يدرك فداحة الموقف مما جعله يقول:
وذنوب شعري كلها مغفورة ... والله جل جلاله التواب


هذه الذنوب لا يغفرها نزار لنفسه فحسب، بل إن الثقافة ذاتها اتخذت لنفسها قاعدة متعالية بتجاوز أخطاء الفحول وغفرانها لهم. وهو- بحسب تعبيره- المتفرد الصانع الواهب فحل الفحول وشهريار العالم الذي لولاه لما صارت الأشياء ولولاه لانهار الكون:
إن كنت أرضى أن احبك
فاشكري المولى كثيرا
من حسن حظك
ويقول:
واشكريني مرة ثانية
كلما جاء ربيع أو شتاء
فبدوني لن تكوني قمرا
يسكب الفضة والثلج
على نار المساء

مشكلتنا أمام شعر كهذا أننا استسلما لقاعدة نقدية بلاغية تمنعنا من النظر في عيوب الشعر لانها تحرم علينا مسائلة الشاعر عن أفكاره وتحدد لنا مجال الرؤية في ما هو جميل وبلاغي. والرخصة الوحيدة هي في النظر الى العيوب الشكلية في الأوزان والقوافي. هذا ما تدربنا عليه ثقافيا مما يمثل مؤامرة جماعية ضد العقل والذوق تقبلناها وخضعنا لها.

هل لنا أن نفترض السؤال التالي: ماذا لو أن الجمهور العربي انصرف عن شعر نزار أثناء حياته وقاطع أمسياته. إن الجمهور الراضي والمصفق يربي سيده على مزيد من الغلو والغرور. والعلة ليست في نزار بذاته، فهو ناتج نسقي للثقافة.

ولد الفتى علي احمد سعيد ولادة طبيعية وعاش حياة شعبية لم يعرف فيها مدرسة ولا كتابا، إلى أن تعرف إلى الأبجدية في العشرين من عمره تحول إلى (ادونيس)، وهو اسم يحمل مضامينه الوثنية التفردية والمتعالية. وما إن تشرع في قراءة نصوصه تصدمك الأنا الأدونيسة المسرفة بالتعالي الأسطوري. فهي ترى أنها: "أنا العلم مكتوبا، أنا المعنى، أنا الموت، أنا سماء، أنا النور، أنا الأشكال كلها، أنا الداعية والحجة". وتبلغ الذات حدا من الثقة المطلقة فتسأل: "أيتها الشمس ماذا تريدين مني؟"
فما كان مشروع ادونيس إلا مشروعا في تغيير المجاز فحسب وليس الحقيقة، فقد ظلت الحقيقة الشعرية عنده كما هي نسقا لم تتغير.

إن الخلل الثقافي في النقد والاستقبال الأدبي هو في عدم التمييز بين الجمالي المجازي من جهة وبين العلامات النسقية الثقافية من جهة أخرى، وتكتفي الممارسة الأدبية بالتذوق الجمالي متعامية عن عيوب الخطاب ومشاكله النسقية.



الغذامي، المركز الثقافي العربي: بيروت، 200.

4 comments:

dee said...

شكرا لك ألف شكر على استعراض هذا الكتاب. بصراحة لم يكن ليخطر ببالي شراءه ما لم أقرأ ما ورد هنا. كم اعجبتني هذه الرؤى النقدية العميقة و التي هي في الصميم. في أي مكتبة يتوفر الكتاب؟
شكرا لك.

Dalal.T.Sh. said...

فعلا كتاب رائع يعيد النظر في معالجة النصوص الادبية بطريقة مختلفة، وتكاد تكون ضرورية. شكرا على المرور عزيزتي. حصلت على الكتاب من مكتبة جرير.

Anonymous said...

أولا: مبروك المدونة .....:-)
ثانيا : في ما قرأت من أجزاء الكتاب الكثير من الصحة. ومن ما يثير السخرية أن الغذامي نفسه يمثل نموذجا صارخا للنسق الثقافي الذي طالما انتقده (صناعة الطغاة\ الأنا المتضخمة\ المبدع الفحل \ لزوم الصمت أمام الفحولة المبدعة ).
اقرئي كتابه (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية). ستدهشك المفارقة بين العنوان و المضمون. فما يفترض أن يكون قراءة موضوعية لسيرة الحداثة كحركة أدبية وثقافية ظهرت في الثمانينيات و أثارت نقعا لا يزال أثرة لا يعدو كونه حكاية عبدالله الغذامي يصفي حسابات الحقبة الماضية. أدرج فيه بلا استحياء أسماء الذين انتقدوه و عارضوه و هاجموه و أنهاه بملحق صور فيه بعضا من رسائل الوعيد و التهديد التي كانت تصله مذيله بأسماء شطب الفحل أولها و ترك آخرها. ليصبح الكتاب سفرا "لأنا متورمة" خلد فيه معاركه الضارية التي وقف فيها الفحل وحيدا يحارب أنساق الجمود و التخلف في المجتمع السعودي و يتحول كل من شاركه الفكر إما مساعدا أو تلميذا.
الكتاب أحزنني حقا ..... إذ كيف لمن يعده العرب من نخبة المثقفين في بلدي أن يكون بهذه العجرفة و الصلف.
(الغذامي منتج النسق الثقافي الذي ينتقده : يمثله و يعززه و ما أظن أنا كنا سنعرف عبدالله الغذامي لولاه!)
شيخة

Dalal.T.Sh. said...

شكرا جزيلا على ملاحظتك الجميلة عزيزتي شيخة... وكم اشتقت الى مداخلاتك النيرة..
لقد لامست ملاحظاتك على "شخص" الغذامي الكثير من الصواب. وان كنت شخصيا انصرف كثيرا عن نقد الشخصيات الى نقد النصوص. ولكنني، وان كان لي على بعض مواقفه مآخذ، والتي كما ذكرتِ قد تكون ناتجة عن ذات النسق الثقافي الذي ينتقده، وجدت في هذه الأطروحة شفافية وكلمة حق قيلت بغض النظر عن "قائلها"